كيف لم يسمع النهي إلا هؤلاء (مع أن النهي كان في المسجد وعلى المنبر) دون سائر الصحابة الذين أقدموا على كتابة الحديث واستمروا عليها كسلمان وأبي ذر وجابر وسعد بن عبادة وأبي رافع و... (1)؟
بل كيف لم يستدل الخليفتان والذين اتبعوهما في المنع عن الكتابة بنهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2) كما هو واضح مشهود.
وكيف كتب أبو بكر خمسمائة حديث بعد نهى النبي (صلى الله عليه وآله) حتى تردد في الإبقاء والإحراق ثم اختار الإحراق؟
وكيف كتب الصحابة الكرام الحديث مع نهي النبي (صلى الله عليه وآله) حتى كثرت الكتب في أيدي الناس فاستنكرها عمر فجمعها وأحرقها وكتب إلى البلاد: من كان عنده منها شئ فليمحه؟
وكيف خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا النهي المزعوم وكتب إلى الناس وإلى عماله ما ستوافيك ألفاظها ومصادرها؟ وكيف خالفه أهل بيته (صلى الله عليه وآله) وشيعتهم كسلمان وأبي ذر وأبي رافع وجابر بن عبد الله الأنصاري وسعد بن عباده وبلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عباس، وعلى رأسهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه كما تقدم؟
وبعد ذلك كله كيف خالف الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز النهي أو نسخ الحكم النبوي، وأمر العلماء بكتابة الحديث، بل أكرههم عليها مع أن ظاهر هذه الأحاديث المزعومة الاستمرار لا سيما مع هذا التعليل والتأكيد: " من كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه " أو " كتاب غير كتاب الله، أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتاب مع كتاب الله " لأن ظاهر التعليل بل صريحه: أن وجود كتاب