" فلما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني " كيف يجوز أن يكون كلم الله موسى بن عمران عليه السلام لا يعلم أن الله تبارك وتعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟
فقال الرضا عليه السلام: إن كليم الله موسى بن عمران عليه السلام علم أن الله تعالى أعز أن يرى بالابصار، ولكنه لما كلمه الله عز وجل وقربه نجيا، رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز وجل كلمه وقربه وناجاه، فقالوا " لن نؤمن لك " حتى نستمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمأة ألف رجل، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربهم.
فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى إلى الطور وسئل الله تعالى: أن يكلمه، ويسمعهم كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام، لان الله عز وجل أحدثه في الشجرة وجعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا: " لن نؤمن لك " بان هذا الذي سمعناه كلام الله: " حتى نرى الله جهرة ".
فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عز وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم، فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم؟! لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله عز وجل إياك فأحياهم الله وبعثهم، معه فقالوا إنك لو سئلت الله أن يريك ننظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته؟
فقال موسى: يا قوم إن الله تعالى لا يرى بالابصار ولا كيفية له، وإنما يعرف بآياته ويعلم باعلامه، فقالوا: " لن نؤمن لك " حتى تسئله، فقال موسى: يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله جل جلاله:
يا موسى سلني ما سئلوك، فلن أؤاخذك بجهلهم، فعند ذلك قال موسى عليه السلام:
" رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه " وهو