من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة مالا ينكره إلا معاند. ولله عز وجل الحمد على ذلك، فهذه الرابعة.
وأما الخامسة فقول الله عز وجل: " وآت ذا القربى حقه " خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة. فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ادعو لي فاطمة فدعوها له. فقال: يا فاطمة. قالت: لبيك يا رسول الله فقال. إن فدك لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين. وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولو لدك. فهذه الخامسة.
وأما السادسة: فقول الله عز وجل: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دون الأنبياء وخصوصية للآل دون غيرهم و ذلك أن الله حكى عن الأنبياء في ذكر نوح عليه السلام يا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون ".
وحكى عن هود عليه السلام قال: " لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون " وقال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ".
ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلالة أبدا.
وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم قلب، فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المؤمنين شئ إذ فرض عليهم مودة ذي القربى فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلى الله عليه وآله وأحب أهل بيته عليهم السلام لم يستطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه. ومن تركها ولم يأخذها وأبغض أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله فعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله. وأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا.
ولما أنزل الله هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم " و " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: " أيها الناس