الصوت وظهرت حركة وأنا ثابت القلب أتأمل ولا أدرى شيئا من الظلمة، إلى أن أحسست بالحركة والصوت قد قربا منى، وتأملت فإذا بشخص لطيف لا يشبه قدر خلقة الانسان، فاستوحشت وثبت نفسي وأنا أدق والشخص يقرب منى فوثبت وألقيت نفسي عليه واستوثقت منه فإذا هو قرد في عنقه سلسلة، فظننت أنه قد أفلت من قراد أو قافلة، فسحبته فلان في يدي وآنس بي، فأخذته على يدي وساعدي وجئت أريد باب الصهريج، فلما بلغته سمعت كلاما فخشيت أن يكون بعض من يطلبني من العصبية هناك، فوقفت أنسمع فإذا كلام امرأة مع رجل وهي تقول له: يا فلان ويحك، أتقتلني، أتذبحني؟ أتبلغ بي الموت، اتق الله. وهو يقول: الذنب كله لك، وأنت أذنت لهم في أن يزوجوك، ولو أبيت ما قدر أبوك أن يزوجك، وإنما فعلتيه مللا بي وأنا تالف عشقا وأنت تتمنعين. والله لأذبحنك، استكتفي يا ابنة الفاعلة. قال: فنظرت فإذا ظهره إلى باب الصهريج فصحت عليه صيحة عظيمة وضربت قفاه بالقرد ففزع القرد وقبض على عنق الرجل وتمكن من ظهره، فورد على الرجل ما حيره وأفزعه، وذهب بعقله فخر مغشيا عليه ووقع السيف من يده، فأخذته ورأيت الجحفة هناك فأخذتها وقصدت الرجل، وكان عقله ثاب إليه، ورمى القرد عن ظهره وسعى هاربا. فقصدت المرأة وحللت كتافها. وقلت لها: ما قصتك؟ فقالت:
أنا بنت فلان وذكرت رجلا من أهل المربد، وهذا ابن عمى وكان يعشقني فخطبني من أبى فامتنع من تزويجه بي، وزوجني من رجل غريب ودخل بي منذ شهور فلما كان أمس خرجت أنا وجماعة من نساء الجيران ننظر إلى الصحراء وقت العصر، وبلغه خبرنا فكبسنا في الصحراء ومعه عدة رجال بالسلاح، فأخذ كل رجل امرأة وانفرد بها، وحملني هذا إلى هذا الصهريج ففجر بي طول الليل. ولما كان الآن عزم على قتلى، فأغاثني الله بك، وما أعرف للنسوة خبرا. قلت: لا بأس عليك أمشي فمشت بين يدي حتى دخلت البصرة، فدقت باب والدها وفتح لها فدخلته وعدت إلى أصحابي