كنت أجد لذلك الخروج لذة لا سبب لها أكثر من أن أصابتني هذه المحنة فلما كانت الليلة سلط على رجل أحس بي كأنه كان حارسا لذلك القبر فقمت لأضرب وجهه بالكف الحديد فيشتغل عنى وأعدوا فداخلني بالسيف ليضربني فتوقيت الضربة بشمالي فأباد كفى. فقلت لها اظهري انه قد خرج على كفك خراج وتعالي فإن الذي برى ما بك من الصفار يصدق قولك فإذا مضت أيام قلنا لأبيك ان لم يقطع يدك خبث جميع جئتك وتلف فيأذن لنا في قطعها فتظهر أنا قطعناها ويشيع الخبر حينئذ وينستر أبوك فعملنا على هذا بعد أن استتبناها فتابت وحلفت بالله لا عادت، وكنت عولت على أن أبيع الجارية هذه وأراعي مبيت الصبية وأبيتها إلى جانبي ففضحتها ونفسك.
قال: فقال لها القاضي فما تقولين. قالت: صدقت أمي ووالله لا عدت أبدا وتبت إلى الله. فقال لها القاضي هذا صاحبك الذي قطع يدك فكادت تتلف جزعا، ثم قال لي يا فتى من أين أنت؟ قلت من العراق. قال ففيم وردت قلت أطلب الرزق قال قد جاءك حلالا طيبا نحن قوم مياسير ولله علينا نعمة وستر فلا تنغص النعمة ولا تهتك الستر أزوجك ابنتي هذه وأغنيك بمالي عن الناس وتكون معنا في دارنا. قال نعم فأمر ثم خرج إلى المسجد والناس مجتمعون ينتظرونه فخطب وزوجني وأقعدني في الدار ووقعت الصبية في نفسي حتى كدت أموت عشقا لها فافترعتها وأقامت شهورا معي وهي نافرة منى وأنا أؤانسها وأبكى حسرة على يدها وأعتذر إليها وهي تظهر قبول عذري وأنا الذي بها غما على يدها يزيد حنقا على إلى أن نمت ليلة واستثفلت في نومي على رسمي فأحسست بثقل شديد على صدري فانتبهت جزعا فإذا هي باركة على صدري وركبتاها على يدي مستوثقة منهما وفى يدها موسى وقد أهوت لتذبحني فاضطربت ورمت الخلاص فتعذر وخشيت أن تبادرني فسكت وقلت لها كلميني واعملي ما شئت فقالت: قل. قلت ما يدعوك إلى هذا؟
قالت أظننت - تقطع يدي وتهتكني ويتزوجني مثلك وتنجوا سالما والله لا كان هذا. فقلت أما الذبح لقد فاتك ولكنك تتمكنين من جراحات وتوقيعها