أحسن قبول ثم قالت: الخادم يجيئك برسالتي بما تعمله، وقامت ولم تأخذ ثيابا فوفيت الناس أموالهم، وحصل لي ربح واسع واغتممت غما شديدا خوفا من انقطاعها عنى ولم أنم ليلتي قلقا وحزنا فلما كان بعد أيام جاءني الخادم فأكرمته وأعطيته دنانير وسألته عنها قال: هي والله عليلة شوقا إليك. قلت:
فاشرح لي أمرها. قال: هذه صبية ربتها السيدة أم المقتدر، وهي من أخص جوارها واشتهت رؤية الناس، والدخول والخروج فتوصلت إلى أن صارت تخلف القهرمانة فتخرج لقضاء بعض الحوائج فترى الناس، وقد والله حدثت السيدة بحديثك، وسألتها أن تزوجها منك فقالت: لا أفعل حتى أراه فإن كان يستحقك وإلا لم أدعك باختيارك، ويحتاج أن تحتال في دخولك الدار بحيلة ان تمت وصلت إلى حاجتك وإن انكشفت ذلك ضرب عنقك فما تقول؟ قلت اصبر على هذا. فقال: إذا كان الليلة فأعبر المخزم وأدخل المسجد الذي بنته السيدة على شاطئ دجلة، وعلى الحائط الآخر مما يلي دجلة اسمها مكتوب بالاجر المقطوع (وهو المسجد الذي سد بابه الآن سبكتين الحاجب الكبير مولى معز الدولة المعروف بشاشنكير وأدخله إلى ميدان داره وجعله مصلى لغلمانه) فبت فيه تصل لمشتهاك. ففعلت فلما كان السحر إذا بطيار لطيف قد قدم، وخدم قد نقلوا صناديق فارغة وجعلوها في المسجد، وانصرفوا وبقى منهم واحد فتأملته فإذا هو الواسطة بيني وبينها ثم ظهرت الجارية فاستدعتني فقمت وعانقتها وقبلت يدها، وقبلتني قبلا كثيرة وتحدثنا ساعة ثم أجلستني في واحد من الصناديق كبير وأقفلته وأقبل الخدم يتراجعون بثياب وماء ورد وعطر، وأشياء قد أحضروها من مواضع ففرقت في باقي الصناديق، وأقفلت ثم حملت الصناديق في الطيار وانحدر فلحقني أمر عظيم من الندم وقلت قتلت بشهوة لعلها لا تتم ولو تمت ما ساوت قتل نفسي، وأقبلت أبكى وأدعو الله عز وجل وأتوب إليه وأنذر إلى أن حملت الصناديق بجهازها في دار الخليفة، وحصل صندوقي خادمان أحدهما الواسطة ومشت هي أمام الصندوق، والصناديق كلها خلف صندوقي. فلما اجتازت بطائفة من الخدم الموكلين بأبواب الحرم. قالوا: نريد نفتش الصناديق فكانت تصيح على