بعضهم وتشتم بعضهم، وتدارى بعضم إلى أن انتهينا إلى خادم ظننته رئيس القوم فخاطبته بفزع وخضوع وذلة، وحقق أن لابد من فتح الصناديق.
فبدأ بصندوقي فأنزله فحين حسست بذلك ذهب عقلي وغاب على أمرى وبلت في الصندوق فزعا فجرى البول حتى خرج من خلاله. فقالت: يا أستاذ أهلكتني وأهلكت التجار ذهب على الامر كله، وهلك علينا ما في الصندوق من متاع وثياب وغيره قيمة الجميع عشرة آلاف دينار، لان فيه قارورة من ماء زمزم وقد انقلبت وجرت على الثياب، والآن تستحيل ألوانها. فقال لها: خذي صندوقك إلى لعنة الله أنت وهو ومرى فحمل الخادم صندوقي بعد أن اشتد عليه وتلاحقت الصناديق فيما بعد وما راعني بعدها إلا حين سمعتها تقول:
ويلاه الخليفة. فمت رعبا وجاءني ما لم أحتسبه. فقال لها الخليفة ويحك أي شئ في صناديقك؟ قالت يا مولاي ثياب للسيدة. فقال: افتحي حتى أراها فقالت يا مولاي: الساعة أفتحها بين يديك وتراها. قال: مري هو ذا سأجئ إليك. قالت للخدم: أسرعوا فأسرعوا، ودخلت حجرة وفتحت صندوقي وقالت: اصعد تلك الدرجة. ففعلت وأخذت مما في بعض تلك الصناديق، وجعلته في صندوقي، وجاء المقتدر ففتحت الصناديق بين يديه ثم أغلقت الحجرة، ومضت ومعها الصناديق بحيث تجلس ثم عادت إلى وطيبت نفسي وأحضرتني طعاما وشرابا وما احتاج إليه وأقفلت الحجرة ومضت فلما كان من الغد جاءتني فصعدت إلى وقالت السيدة تجئ الساعة لتراك فانظر كيف تكون فما كان بأسرع من أن جاءت السيدة فجلست على كرسي وفرقت جواريها، ولم يبق معها واحدة منهن ثم أنزلتني الجارية. فحين رأتني السيدة قبلت الأرض، وقمت ودعوت لها، فقالت، لجاريتها ما بئس ما أخذت هو كيس ونهضت فجاءتني صاحبتي بعد ساعة وقالت: ابشر فقد وعدتني والله ان تزوجني بك وما بين أيدينا الآن إلا عقبة الخروج فقلت يسلم الله تبارك وتعالى. فلما كان من غد حملتني في الصندوق فخرجت كما دخلت وكان الحرص على التفتيش أيسر وتركت في المسجد فرجعت وتصدقت ووفيت بنذري فلما كان بعد أيام جاءني الخادم برقعة بخطها الذي أعرفه وكيس فيه ثلاثة آلاف