تمشى بخلاف الأول فقلت للخيزران أنها مخبئة من الله عز وجل وهدية منه إلينا ووالله يا خيزران لا يكون اخراجها مما هي فيه إلا بي ثم نهضت على أثرها حتى وافيتها عند الستر ولحقتني الخيزران فتعلقت بها وقلت: يا أخية المعذرة إلى الله عز وجل واليك فإني ذكرت بوجودك ما نالنا من المصيبة بصاحبنا فكان منى ما وددت انى منعت منه وقطعت عنه، ولم أملك نفسي وأردت معانقتها فوضعت يدها في صدري وقالت: لا تفعلي يا أخية فإني على حال أصونك من الدنو منها فرددتها وقلت للجواري ادخلن معها الحمام، وقلت للمواشط اذهبن معها حتى تصلحن حفافها وما تحتاج إلى اصلاحه من وجهها فمضت ومضين معها ودعونا بكرسيين فجلست أنا والخيزران عليهما ننتظر خروجها في صحن الدار فخرجت إحدى المواشط وهي تضحك فقلت لها:
ما يضحكك؟ قالت يا ستي انا لنرى من هذه الغريبة عجبا. فقلت: وما هو؟
قالت: نحن معها في انتهار وزجر وخصومة ما تفعلين أنت ولا ستنا مثله إذا خدمنا كما قالت فقلت للخيزران: حتى تعلمي والله يا أختي أنها حرة رئيسة والحر لا يحتشم من الأحرار ثم خرجت إلينا جارية ثانية فأعلمتنا أنها قد خرجت من الحمام فوجهت إليها الخيزران بصنوف الخلع فتخيرت منها ما لبسته وبعثنا إليها بطيب كثير فتطيبت ثم خرجت إلينا فقمنا جميعا فعانقناها فقالت اما الآن فنعم ثم جئنا إلى الموضع الذي كنا جلوسا فيه وأمرنا بكشف السبتية عن الموضع الذي كان يجلس فيه أمير المؤمنين وأقعدناها فيه ثم قالت:
الخيزران غداؤنا قد تأخر فهل لك في الطعام فقالت والله ما فيكن أحوج إليه منى. فدعونا بالطعام فجعلت تأكل وتضع بين أيدينا كأنها في منزلها فلما فرغنا.
قالت لها الخيزران: من لك ممن تعتنين به؟ قالت ما لي وراء هذا الحائط أحد من خلق الله تعالى. فقالت لها الخيزران فهل لك في المقام عندنا على أن نخلى لك مقصورة ونحول إليها جميع ما تحتاجينه، ويستمتع بعضنا ببعض فقالت:
وردت وأنا على أقل حال وإذ قد تفضل الله عز وجل على بكما وبهذه النعمة فلا أقل من الشكر للمبتدئ بكل نعمة ولكما فافعلي ما أحببت وبدا لك فقامت الخيزران وقمت معها وأقمناها معنا وجعلنا نطوف في المقاصير فاختارت والله