وما فعل ذلك بأرزاقهم بل أمهلهم وأمرهم بالتوبة. فإن كان ما نسب إليه صحيحا فهو تائب إلى الله عز وجل ويسأل رده إلى رسمه ورفع القصة إلى كافور قال صاحب الحديث: ولم أدر إلى أي شئ انتهى أمره إلا أنه صار مفضوحا بين الناس وتحدثوا بحديثه واتفق خروجي من مصر عقيب ذلك إلى حضرة سيف الدولة فلقيته بحلب وحدثته بأحاديث المصريين وكان يتشوق إلى سماعها صغرت أو كبرت ثم سقت له حديث الناظري فضحك منه ضحكا شديدا وقال: هل هذا المشؤم بلغ إلى مصر؟ فقال لي محمد بن أسمر النديم: اعلم أن هذا الرجل كان صديقي جدا وقد هلك وافتقر وفارق نعمته فأحب أن تخاطب الأمير في أمره عقيب ما جرى آنفا لأعاونك فلعل الله عز وجل أن يفرج عنه. فقلت افعل ولما أخذ سيف الدولة يسألني عن الامر فأعدت شرحه عليه وعاد فضحك فقلت: أطال الله بقاء مولانا الأمير سررت بهذا الحديث ويجب أن يكون له ثمرة إما لي وإما للرجل الذي قد صيرته فضيحة بحلب زيادة على فضيحته بمصر. قال اما لك فنعم واما له فلا يستحق فإنه فعل وصنع وأخذ يطلق القول فيه فقلت اما لي فلست أريده لان فوائدي من مولانا متصلة ولست أحتاج مع أنعامه على وترادف إحسانه إلى السبب إلى الفوائد ولكن أرى أن تجعلها لهذا المفتضح المشؤم. فقال تنفذ إليه سفتجة بثلاثة آلاف درهم فشكرته الجماعة وخاطبته في أن يأذن له في العود إلى حضرته ويؤمنه ويكتب له أمانا مؤكدا قال فغمزني الأسمر في الاستزادة فقلت أطال الله بقاء مولانا الأمير أن الثلاثة آلاف درهم لو أنفذت إلى مصر ما كفته فيمن يحمله معه على نفقته لان أكثر أهل مصر بغاؤون وضايقوه في الناكة وغلبوه باليسار لأنه لا يصل هو إلى شئ إلا بالغرم الثقيل وبلغني وأنا بمصر: أن رجلا من البغائين اشتد به حاله فطلب من يأتيه فلم يقدر فخرج إلى الموضع الفلاني قرية قريبة من مصر فأقام بها فكان إذا اجتاز بها المجتازون استدعى منهم من يصلح لهذا الحال فحمله على نفسه وكان يعيش، بالمجتاز ويتمكن من إرضاه بما لا يتمكن منه بمصر فعاش بذلك برهة حتى جاءه يوما بغاء آخر وسكن معه فكان إذا جاء الغلام الذي يصلح لهذا الحال سأل عنه ففسد على الأول أمره
(٣٧٦)