أهواز ومعي سيفي وحجفتي، وكان ذلك ليلا فسرت في الطريق وحدي، وبلغت إلى أجمة لابد من سلوكها. فما سرت فيها قليلا سمعت ضجة من ورائي قبيحة فجردت سيفي ورجعت أطلب الصوت فوجدت أسدا قد افترس رجلا وهو الذي صاح، وهو في فم الأسد عرضا بثيابه فصحت في الأسد فرمى الرجل ورجع إلى فقاتلته ساعة ثم وثب على وثبة شديدة فلطيت الأرض ثم جمعت نفسي في حجفتي، فلشدة وثبته جازني فصار ورائي فأسرعت الوثوب وبعجته بالسيف في فمه، وكان سيفا ماضيا فدخل في فيه وخرج من لحيته فخر صريعا يضرب فتداركته بضربات كثيرة حتى تلف، وعدت إلى الرجل فوجدته يتنفس ولا يعقل فحملته إلى الجادة، وكانت ليلة مقمرة، وتأملته فإذا هو تاجر من تل أهواز أعرفه فلم تطب نفسي بتركه أصلا فجعلته عند الجادة، وعدت فأخذت رأس السبع وحملته والرجل وحصلتهما في صبيغة كانت على، والصبيغة إزار أحمر يتشح به العرب في تلك الناحية، وكان الأسد في خلال قتالي قد ضرب فخذي بكفه فأحسست به في الحال كغرز الإبرة لما كنت فيه من الهول فلما حصلت أمشى حاملا لرأس الأسد والرجل أحسست بالألم، ورأيت الدم يجرى وقوتي قد ضعفت فصبرت نفسي حتى بلغت تل أهواز وقد أصبحت فنكر أهل القرية الجراح، وسألوني عن خبري فألقيت الصبيغة التي بها الرجل والرأس فاستهولوا الحال لما حدثتهم بها وفتشوا الرجل فوجدوا في بدنه خدوش كثيرة فأخذوه ورمت أن أمشى يسيرا إلى منزلي فلم أقدر حتى حملت، وكنت أعالج من تلك الجراح مدة، وعولج الرجل فبرأ قبلي، وهو حي إلى الآن يسميني مولاي ومعتقي. قال: وجراحاتي لصعوبتها تنتقض على في أغلب الأوقات. قال صاحب الحكاية: وأراني الجرح، وكان عظيم الفتح. فلم أكن أعلم سببا لشكرنا وعربدتنا إلا نجاة ذلك الرجل من السبع.
قال رجل يعرف بعبد العزيز بن الحسن الأزد، من تجار القصب بالبصرة قال: كنت يوما جالسا في القصباء، وقد أخرج من النهر قصب رطب فعمل