فداك، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتك؟ فقال: أي الاختلاف، يا عيص، بينهم؟ قال: ربما أجلس في حلقتهم بالكوفة، فأكاد أن أشك لاختلافهم وحديثهم، فأرجع إلى المفضل، فأجد عنده ما أريد، فأسكن إليه، فقال أبو عبد الله صلوات الله عليه: أجل، هو كما ذكرت، يا عيص، إن الناس أغروا بالكذب علينا حتى كأن الله عز وجل افترضه عليهم، لا يريد منهم غيره، وإني لأحدث أحدهم الحديث (1) فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على على غير تأويله (2)، وذلك أنهم لا يطلبون دينا وأنتم تطلبون الدين، وإنما يحب كل واحد منهم أن يكون رأسا، أي عيص، ليس من عبد رفع رأسه إلا وضعه الله، وما من عبد وضع نفسه إلا رفعه الله وشرفه.
وروينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه كتب إلى بعض أوليائه من الدعاة، وقد كتب إليه بحال قوم قبله ممن انتحل الدعوة وتعدوا الحدود واستحلوا المحارم واطرحوا الظاهر فكتب إليه أبو عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه بعد أن وصف حال القوم: وذكرت أنه بلغك أنهم يزعمون أن الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان، والحج والعمرة (3)، والمسجد الحرام، والبيت الحرام (4)، والمشاعر العظام، والشهر الحرام (5) إنما هو رجل، والاغتسال من الجنابة رجل، وكل فريضة فرضها الله تبارك وتعالى على عباده فهي رجل، وأنهم ذكروا أن من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه عن ذلك من غير (6) عمل، وقد صلى وأدى الزكاة وصام وحج (7) واعتمر واغتسل من الجنابة وتطهر، وعظم حرمات الله والشهر الحرام والمسجد الحرام (8)، وأنهم زعموا أن من عرف ذلك الرجل وثبت في قلبه جاز له أن يتهاون، وليس عليه أن يجهد نفسه، وأن من عرف ذلك الرجل فقد قبلت منه هذه الحدود (9) لوقتها، وإن هو لم يعلمها، وأنه بلغك أنهم يزعمون أن