حقيقته لكان في ذكرهم سيرة وكتب كثيرة (1)، وسمعنا ولى الله المنصور بالله، صلوات الله عليه ورحمته وبركاته، ونضر وجهه، وأعلى ذكره، وأسنى درجته، ورزقنا شفاعته، وقد ذكر مثل هذا المعنى. فقال: لما أصار الله جل ذكره المهدى بالله صلوات الله عليه إلى رضوانه ورحمته، وأفضى الامر من بعده (2) إلى ولده القائم بأمر الله صلوات الله عليه ذكر يوما بعد ذلك أمر الأئمة صلوات الله عليهم، وإلحاد من ألحد فيهم، فتنفس الصعداء وانقبض وظهرت عليه الخشية، ونحن بين يديه، ورأينا أثر الخوف والخشية عليه، ثم قال:
إنا لله وإنا إليه راجعون (3)، وذكر المنصور بالله صلى الله عليه وآله عنه كلاما لم نقف على حفظه، ومعناه التعوذ بالله من شر الناس وما يتأولونه عليه، وينتحلونه (4) فيه، ثم قال: قد كنت عندهم بالأمس (5) ولى عهد المسلمين، فكأني بهم اليوم قد جعلني بعضهم ربا، وجعلني بعضهم نبيا (6)، وقال بعضهم إني أعلم الغيب، وقال آخرون يأتيني الوحي، ثم قال لنا المنصور بالله صلوات الله عليه:
مثل هذا فأذيعوه عنا وانشروه (7) من قولنا، واستعبر صلوات الله عليه باكيا، ورأينا أثر الخشية فيه من خوف الله (تع) وقال: مثل هذا عنا فأثروا، وإياه فاذكروا وانشروا (8)، فإنما نحن عباد من عباد الله، وخلق من خلقه، ولكن لنا منه منزلة أكرمنا بها، بأن جعلنا أئمة عباده وحججه على خلقه.
وعندنا من مثل هذا ما لو تقصيناه لانقطع الكتاب بذكره (9)، وفيما ذكرنا منه ما ينفع الله به عز وجل أولى الألباب إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله (10).