فأما ذكر من ضل وهلك من أهل هذا الامر فكثير، يطول ويخرج عن حد هذا الكتاب، ولكن لابد من ذكر نكت من ذلك كما شرطنا، فمن ذلك ما روينا عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أن قوما من أصحابه، وممن كان قد بايعه وتولاه ودان بإمامته، مرقوا عنه (1) ونكثوا عليه، وقسطوا فيه، فقاتلهم أجمعين، فهزم الناكثين وقتل المارقين وجاهد القاسطين وقتلهم وتبرءوا منه وبرئ منهم، وإن قوما غلوا (2) فيه لما استدعاهم الشيطان بدواعيه، فقالوا: هو النبي، وإنما غلط جبرئيل به، وإليه كان أرسل فأتى محمد (صلع)، فيا لها من عقول ناقصة وأنفس خاسرة وآراء واهية، ولو أن أحدهم بعث رسولا بصاع من تمر إلى رجل، فأعطاه غيره لما استجاز فعله، ولعوض المرسل إليه مكانه أو استرده إليه ممن قبضه (3)، فكيف يظنون مثل هذا الظن الفاسد برب العالمين، وبجبرئيل الروح الأمين، وهو ينزل أيام حياة رسول الله (صلع) بالوحي إليه، وبالقرآن (4) الذي أنزل عليه ثم يقولون هذا القول العظيم ويفترون مثل هذا الافتراء المبين، بما سول لهم الشيطان، وزين لهم من البهتان والعدوان.
وهؤلاء مما قدمنا ذكره. وزعم آخرون منهم أن عليا صلوات الله عليه في السحاب، رقاعة (5) منهم وكذبا لا يخفى عن ذوي الألباب، وأتاه صلوات الله عليه قوم غلوا فيه ممن قدمنا وصفهم واستزلال الشيطان إياهم، فقالوا: أنت إلهنا وخالقنا ورازقنا، ومنك مبدؤنا وإليك معادنا، فتغير وجهه صلوات الله عليه وارفض عرقا وارتعد كالسعفة تعظيما لجلال الله (عز جلاله) وخوفا منه، وثار (6) مغضبا ونادى بمن حوله وأمرهم بحفير فحفر (7)، وقال: لأشبعنك