وقرن طاعتهم في كتابه بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله، وهم حجج الله على خلقه، وخلفاؤه في أرضه، ليسوا كما زعم الضالون المفترون بآلهة غير مربوبين، ولا بأنبياء مرسلين، ولا يوحى إليهم كما يوحى إلى النبيين، ولا يعلمون الغيب الذي حجبه الله عن خلقه، ولم يطلع أنبياءه منه إلا على ما أطلعهم عليه، لا كما زعم المفترون فيهم والمبطلون الكاذبون عليهم، تعالى الله جل ذكره ونزه أولياءه عن مقال الملحدين وإفك المكذبين بين الضالين المفترين.
ولما كان أولياء الله الأئمة الطاهرون، حجج الله التي احتج بها على خلقه، وأبواب رحمته التي فتح لعباده، وأسباب النجاة التي سبب لأوليائه (1) وأهل طاعته ومن لا تقبل الأعمال (2) إلا بطاعتهم ولا يجازى بالطاعة إلا من تولاهم، وصدقهم دون من عاداهم وعصاهم ونصب لهم، كان الشيطان أشد عداوة لأوليائهم وأهل طاعتهم ليستزلهم كما استزل أبويهم من قبل، فاستزل كثيرا منهم، واستغواهم، وسول لهم واستهواهم، فصاروا إلى الحور بعد الكور (3)، وإلى الشقوة بعد السعادة وإلى المعصية بعد الطاعة، وقصد (4) كل امرئ منهم من حيث يجد السبيل إليه، والاجلاب (5) بخيله ورجله عليه، فمن كان منهم قصير العلم متخلف (6) الفهم، ممن تابع هواه، استفزه واستغواه، واستزله إلى الجحد لهم والنفاق عليهم والخروج عن طاعتهم والكفر بهم، والانسلاخ من معرفتهم. ومن كان قد برع في العلم وبلغ حدود الفهم، ولم يستطع أن يستزله إلى ما استزل به من تقدم ذكره، استزله وخدعه، ودخل إليه من باب محبوبه وموضع رغبته، ومكان بغيته (7)، فزين له زخرف التأويل، ونمق له قول الأباطيل، وأغراه بالفكرة في تعظيم شأنهم