وروينا عنه صلوات الله عليه أنه قال يوم صفين: اقتلوا بقية الأحزاب وأولياء الشيطان، اقتلوا من يقول: كذب الله ورسوله، ونقول: صدق الله ورسوله. ثم يظهرون غير ما يضمرون ويقولون: صدق الله ورسوله.
ومما رويناه عنه صلوات الله عليه من التحريض على قتالهم أنه بلغه صلوات الله عليه أن خيلا لمعاوية أغارت على الأنبار، فقتلوا عامل على صلوات الله عليه وآله عليها وانتهكوا حرم المسلمين، فبلغ ذلك عليا (ع) فخرج بنفسه غضبا حتى انتهى إلى النخيلة، وتصايح الناس فأدركوه بها (1)، وقالوا: ارجع، يا أمير المؤمنين، فنحن نكفيك المؤونة، فقال: والله ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم، ثم قام فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الجهاد باب من أبواب الجنة، فمن تركه ألبسه الله الذلة وشمله البلاء والصغار، وقد قلت لكم وأمرتكم أن تغزوا هؤلاء القوم قبل أن يغزوكم، فإنه ما غزى قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فجعلتم تتعللون بالعلل وتسوفون، فهذا عامل معاوية أغار على الأنبار، فقتل عاملي ابن حسان، وانتهك وأصحابه حرمات المسلمين، لقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع قرطها وحجلها ما يمنع منها، ثم انصرفوا لم يكلم أحد منهم، فوالله لو أن امرءا مسلما مات من هذا أسفا ما كان عندي ملوما بل كان به جديرا. يا عجبا عجبت لبث القلوب، وتشعب الأحزان، من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلكم عن حقكم حتى صرتم غرضا يرمى تغزون ولا تغزون، ويغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله وترضون، إذا قلت لكم: اغزوهم في الحر قلتم: هذه أيام حارة القيظ، أمهلنا حتى ينسلخ الحر عنا. وإن قلت لكم: اغزوهم في البرد، قلتم: هذه أيام صر وقر، فمن أين لي ولكم غير هذين الوقتين، فأنتم (2) من الحر والبرد تفرون، لأنتم والله من السيف أفر، يا أشباه الرجال ولا رجال، ويا طغام الأحلام، ويا عقول ربات الحجال، قد ملأتم قلبي غيظا بالعصيان والخذلان، حتى قالت قريش:
أن ابن أبي طالب لرجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب. فمن أعلم بالحرب منى؟