وعن علي (ع) أنه خطب بالكوفة فقام رجل من الخوارج فقال: لا حكم إلا الله، فسكت على، ثم قام آخر وآخر، فلما أكثروا عليه قال: كلمة حق يراد بها باطل، لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلوا فيها، ولا نمنعكم الفئ ما كانت أيديكم مع أيدينا، لا نبدؤكم بحرب حتى تبدؤونا به، وأشهد لقد أخبرني النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب العالمين أنه لا يخرج علينا منكم فرقة (1) قلت أو كثرت إلى يوم القيامة، إلا جعل الله حتفها على أيدينا، وإن أفضل الجهاد جهادكم، وأفضل الشهداء من قتلتموه، وأفضل المجاهدين من قتلكم، فاعملوا ما أنتم عاملون فيوم القيامة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.
وعن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال: إن دعى أهل البغي قبل القتال فحسن، وإلا فقد علموا ما يدعون إليه. وينبغي ألا يبدؤا بالقتال حتى يبدؤا هم به.
وروينا عن علي صلوات الله عليه أنه أعطى الراية يوم الجمل لمحمد بن الحنفية فقدمه بين يديه، وجعل الحسن في الميمنة وجعل الحسين في الميسرة، ووقف خلف الراية على بغلة (2) رسول الله (صلع)، قال ابن حنفية: فدنا منا القوم ورشقونا بالنبل وقتلوا رجلا، فالتفت إلى أمير المؤمنين، فرأيته نائما قد استثقل نوما فقلت:
يا أمير المؤمنين، على مثل هذه الحال تنام؟ قد نضحونا بالنبل وقتلوا منا رجلا وقد هلك الناس، فقال: لا أراك إلا تحن حنين العذراء، الراية راية رسول الله (صلع). فأخذها وهزها. وكانت الريح في وجوهنا. فانقلبت عليهم فحسر عن ذراعيه وشد عليهم فضرب بسيفه حتى صبغ كم قبائه وانحنى سيفه.
وعن علي صلوات الله عليه أنه قال: يقاتل أهل البغي ويقتلون بكل ما يقتل به المشركون، ويستعان عليهم بمن أمكن أن يستعان به عليهم من أهل القبلة، ويؤسرون كما يؤسر المشركون إذا قدر عليهم. أتى بأسير يوم صفين فقال:
لا تقتلني يا أمير المؤمنين، قال: أفيك خير تبايع؟ قال: نعم، فقال الذي جاء به: لك سلاحه وخل سبيله. وأتاه عمار بن ياسر بأسير فقتله علي (ع)،