وأعوان الاثمة، وذئاب كل طمع. وأنت تجد في الناس خلفا منهم ممن له أفضل من معرفتهم، وأعلى من نصحهم ممن قد تصفح الأمور، فأبصر (1) مساويها، واهتم بما جرى عليه منها (2)، ممن هو أخلف عليك مؤونة، وأحسن معونة، وأشد عليك عطفا، وأقل لغيرك إلفا، ممن لا (3) يعاون ظالما على ظلم ولا آثما على إثم، فاتخذ من أولئك خاصة تجالسهم في خلواتك ويحضرون لديك في ملائك، ثم ليكن أكرمهم عليك أقولهم (4) للحق وأحوطهم على رعيتك بالانصاف، وأقلهم لك مناظرة بذكر ما كره لك. والصق بأهل الورع والصدق، وذوي العقول والأحساب (5). وليكن أبغض (6) أهلك ووزرائك إليك أكثرهم لك إطراء بما فعلت، أو تزيينا لك بغير ما فعلت، وأسكتهم عنك صانعا ما صنعت، فإن كثرة الاطراء تكثير الزهو وتدنى من الغرة، وأكثر القول (7) أن يشرك فيه الكذب تزكية السلطان، لأنه لا يقتصر فيه (8) على حدود الحق دون التجاوز إلى الافراط، ولا تجمعن المحسن والمسئ عندك بمنزلة (9) يكونان فيها سواء، فإن ذلك تزهيد لأهل الاحسان في إحسانهم، وتدريب لأهل الإساءة في إساءتهم.
واعلم أنه ليس شئ أدعى لحسن ظن وال برعيته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤن (10) عنهم (11) وقلة الاستكراه لهم، فليكن لك في ذلك ما يجمع لك حسن الظن برعيتك، فإن حسن الظن بهم يقطع عنك هموما كثيرة، وإن أحق من حسن ظنك به من حسن بلاؤك عنده من أهل الخير (12)، وأحق من ساء ظنك به من ساء بلاؤك عنده، فاعرف موضع ذلك، ولا تنقض سنة صالحة عمل بها الصالحون قبلك اجتمعت عليها (13) الألفة، وصلحت عليها العامة،