دون عباده، ومن يكن الله خصمه فهو لله حرب حتى ينزع، وليس شئ أدعى (1) لتغيير نعم الله وتعجيل نقمه (2) من إقامة على ظلم، فإن الله يسمع دعوة كل مظلوم، وإن الله عدو للظالمين، ومن عاداه الله فهو رهين بالهلكة في الدنيا والآخرة، وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأجمعها لطاعة الرب، ورضى (3) العامة، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة وإن سخط الخاصة يحتمل رضى العامة، وليس أحد من الرعية أشد على الوالي في الرضى مؤنة، وأقل على البلاء معونة، وأشد بغضا للانصاف، وأكثر سؤالا بالالحاف، وأقل مع ذلك عند العطاء شكرا، وعند الابطاء عذرا، وعند الملمات من الأمور صبرا، من الخاصة. وإنما جماع أمور الولاة ويد السلطان وغيظ العدو (4) العامة، فليكن صغوك لهم ما أطاعوك واتبعوا أمرك دون غيرهم، وليكن أبغض رعيتك إليك أكثرهم كشفا لمعائب الناس، فإن في الناس معايب أنت أحق من تغمدها وكره كشف ما غاب منها، وإنما عليك أحكام ما ظهر لك والله يحكم فيما غاب عنك. أكره للناس ما تكرهه (5) لنفسك، واستر العورة ما استعطت يستر الله منك ما تحب ستره. أطلق عن (6) الناس عقد كل حقد، واقطع عنهم سبب كل وتر (7)، ولا تركبن شبهة، ولا تعجلن إلى تصديق ساع فإن الساعي غاش وإن قال قول النصح.
ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يقصر عن الفضل غايته، ولا حريصا يعدك فقرا ويزين لك شرها، ولا جبانا يضيق عليك الأمور، فإن البخل والجبن والحرص غريزة واحدة، يجمعها سوء الظن بالله. واعلم أن شر دخائلك وشر وزرائك من كان للأشرار دخيلا ووزيرا ممن شركهم في الآثام، وأقام لهم كل مقام. فلا تدخل أولئك في أمرك، ولا تشركهم في دولتك كما شركوا في دولة غيرك. ولا يعجبك (8) شاهد ما يحضرونك به فإنهم إخوان الظلمة