وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) (1) أنه قال: من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه.
وعن علي صلوات الله عليه أنه خطب الناس فقال: (2) أما بعد، فذمتي رهينة وأنا به زعيم، لا يهيج (3) على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، وإن الحق والخير فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، وإن من أبغض الخلق إلى الله تبارك وتعالى رجلين، رجل وكله الله إلى نفسه جائر عن قصد السبيل، مشغوف ببدعة، قد لهج فيها بالصوم والصلاة، فهو فتنة لمن افتتن بعبادته، ضال عن هدى من كان قبله، مضل اقتدى به من بعده، حمال خطايا غيره ممن أضل بخطيئته، ورجل قمش (4) جهلا في أوباش الناس، غار بأغباش (5) الفتنة، قد سماه الناس عالما، ولم يغن في العلم يوما سالما، بكر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن وجمع من غير طائل جلس بين الناس قاضيا، ضامنا لتخليص ما اشتبه على غيره، إن خالف قاضيا (6) سبقه لم يأمن في حكمه، وإن نزلت به إحدى المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه (7) ثم قطع به، فهو على لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يدرى أصاب أم أخطأ، إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا (8) أن يكون قد أصاب، لا يحسب العلم في شئ مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشئ لم يكذب نظره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهله، لئلا يقال لا يعلم، ثم جسر