وبعد العلم بأن الكتاب بهذا المعنى لم يهمل حكم شئ بل بين جميع الأحكام المتعلقة بجميع الأشياء فلا يبقى فرق بين هذه العناوين فكل شرط مخالف للكتاب بالمعنى الذي ذكرنا له يصدق عليه انه ليس في الكتاب ويصدق عليه انه ليس مما وافق الكتاب كما أنه كل شرط لم يكن مخالفا للكتاب فلا محالة يكون موافقا للكتاب لعدم الواسطة بينهما.
وان قلنا بأنهما أمران وجوديان والتقابل بينهما تقابل التضاد مع أن التحقيق ان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ففي الموضوع القابل لا يمكن اجتماعهما ولا ارتفاعهما كما هو الشأن في جميع موارد تقابل العدم والملكة.
نعم ربما يفرق بين هذه العناوين بالنسبة إلى مجاري الأصول فلو كان الشرط - أي شرط صحة الشرط - عدم مخالفته للكتاب فإذا شك في شرط انه مخالف أم لا فيجري استصحاب عدم مخالفته للكتاب بناء على جريان استصحاب العدم الأزلي في النعوت العدمية كاصالة عدم كون المرأة قرشية عند الشك في كونها قرشية.
فباستصحاب عدم كونه مخالفا قبل وجوده يحرز شرط الصحة الذي هو عبارة عن عدم كونه مخالفا للكتاب وأما لو كان الشرط موافقة الكتاب ففي مورد الشك لا يمكن احراز الشرط بالاستصحاب لعدم الحالة السابقة للموافقة.
ولكن بناء على ما حققناه في كتابنا (منتهى الأصول) (1) من عدم جريان الاستصحاب في الاعدام الأزلية إذا كان الأثر للعدم النعتي لا للعدم المحمولي وذلك من جهة ان العدم النعتي مثل وجوده المقابل له متوقف على وجود موضوعه ففي الرتبة السابقة على وجود موضوعه لا اثر له ولا عين له حتى يجر بالاستصحاب إلى زمان وجود موضوعه.
والعدم المحمولي وإن كان له حالة سابقة أزلا لان جميع الأشياء ما سوى الله