أن هذا الجواب مبني على أنه قد سبق منه (ص) إنكار للقيافة وإلحاق النسب بها، كتقدم إنكاره مضي كافر إلى كنيسة وهذا دليل عليه، بل الدليل قائم على خلافه، وهو قوله (ص) في قصة اللعان بما سمعت ثم فعل الصحابة من بعده. وقولهم بثبوت النسب به من الأدلة على عدم إنكاره (ص). وأما قوله: الولد للفراش فذلك فيما إذا علم الفراش، فإنه معلوم أن الحكم به مقدم قطعا، وإنما القيافة عند عدمه، ثم الأصح عند القائلين بالالحاق أنه يكفي قائف واحد، وقيل: لا بد من اثنين، وحديث الباب دال على الاكتفاء بالواحد.
كتاب العتق العتق الحرية، ويقال عتق عتقا بكسر العين وفتحها فهو عتيق وعاتق. وفي النجم الوهاج العتق اسقاط الملك من الآدمي تقربا لله وهو مندوب، وواجب في الكفارات، وقد حث الشارع عليه كما قال تعالى: * (فك رقبة) * فسرت بعتقها من الرق، والأحاديث في فضله كثيرة منها:
1 - (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلما استنقذ الله بكل عضو) بكسر العين وضمها (منه عضوا منه من النار متفق عليه). وتمامه في البخاري حتى فرجه بفرجه وفيه أنه إذا كان المعتق والمعتق مسلمين أعتقه الله من النار وفي قوله: استنقذ ما يشعر بأنه استحقاقه لها، واشترط إسلامه لأجل هذا الاجر، وإلا فإن عتق الكافر يصح، وقولهم لا قربة لكافر ليس المراد أنه لا ينفذ منه ما من شأنه أن يتقرب به كالعتق والهبة والصدقة وغير ذلك. إنما المراد أنه لا يثاب عليها وإلا فهي نافذة منه، لكن لا نجاة له بسببه من النار. وفي تقييد الرقبة المعتقة بالاسلام أيضا دليل على أن هذه الفضيلة لا تنال إلا بعتق المسلمة، وإن كان في عتق الكافرة فضل لكن لا يبلغ ما وعد به هنا من الاجر. ووقع في رواية مسلم إرب عوض عضو وهو بكسر الهمزة وإسكان الراء فموحدة العضو وفيه أن عتق كامل الأعضاء أفضل من عتق ناقصها، فلا يكون خصيا ولا فاقد غيره من الأعضاء، والأغلى ثمنا أفضل كما يأتي. وعتق الذكر أفضل من عتق الأنثى كما يدل له قوله:
2 - (وللترمذي وصححه عن أبي أمامة وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار. فعتق المرأة أجره على النصف من عتق الذكر، فالرجل إذا أعتق امرأة كانت فكاك نصفه من النار، والمرأة إذا أعتقت الأمة كانت فكاكها من النار كما دل له مفهوم هذا ومنطوق قوله:
3 - (ولأبي داود من حديث كعب بن مرة وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار. وبهذا والذي قبله استدل من قال عتق الذكر