7 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:
ليسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير. متفق عليه، وفي رواية لمسلم) من رواية أبي هريرة (والراكب على الماشي). بل هو في البخاري، وقال المصنف إنه لم يقع تسليم الصغير على الكبير في صحيح مسلم فيشكل جعل الحديث من المتفق عليه.
وظاهر الامر الوجوب، وقال المازري: إنه للندب، قال: فلو ترك المأمور بالابتداء فبدأ الآخر كان المأمور تاركا للمستحب والآخر فاعلا للسنة. قلت: والأصل في الامر الوجوب وكأنه صرفه عنه الاتفاق على عدم وجوب البداءة بالسلام. والحديث فيه شرعية ابتداء السلام من الصغير على الكبير. قال ابن بطال عن المهلب: وإنما شرع للصغير أن يبتدئ الكبير لأجل حق الكبير، ولأنه أمر بتوقيره والتواضع له، ولو تعارض الصغر المعنوي والحسي كأن يكون الأصغر أعلم مثلا قال المصنف: لم أر فيه نقلا، والذي يظهر اعتبار السن لأن الظاهر تقديم الحقيقة على المجاز. وفيه شرعية ابتداء المار بالسلام للقاعد، قال المازري:
لأنه قد يتوقع القاعد منه الشر ولا سيما إذ كان راكبا فإذا ابتدأه بالسلام أمن منه وأنس إليه، أو لان في التصرف في الحاجات امتهانا فصار مزية فأمر المار بالابتداء، أو لان القاعد يشق عليه مراعاة المارين من كثرتهم فسقطت البداءة عنه للمشقة عليه. وفيه شرعية ابتداء القليل بالسلام على الكثير. وذلك لفضيلة الجماعة، لو ابتدأوا لخيف على الواحد الزهو فاحتيط له، فلو مر جمع كثير أو مر الكبير على الصغير قال المصنف: لم أر فيه نصا، واعتبر النووي المرور فقال: الوارد يبدأ سواء كان صغيرا أو كبيرا. وذكر الماوردي: أن من مشى في الشوارع المطروقة كالسوق أنه لا يسلم إلا على البعض، لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن المهم الذي خرج لأجله وخرج به عن العرف. وفيه شرعية ابتداء الراكب على الماشي، وذلك لان للراكب مزية على الماشي فعوض الماشي بأن يبدأ الراكب بالسلام احتياطا على الراكب من الزهو لو حاز الفضيلتين، وأما إذا تلاقى راكبان أو ماشيان فقد تكلم فيها المازري فقال: يبدأ الأدنى منهما على الأعلى قدرا في الدين إجلالا لفضله، لان فضيلة الدين مرغب فيها في الشرع، وعلى هذا لو التقى راكبان ومركوب أحدهما أعلى في الجنس من مركوب الآخر كالجمل والفرس فيبدأ راكب الفرس، أو يكتفي بالنظر إلى أعلاهما قدرا في الدين فيبدأ الذي هو أدنى الذي هو فوقه، والثاني أظهر كما لا ينظر إلى من يكون أعلاهما قدرا من جهة الدنيا إلا أن يكون سلطانا يخشى منه. وإذا تساوى المتلاقيان من كل جهة فكل منهما مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام كما ثبت في حديث المتهاجرين، وقد أخرج البخاري في الأدب بسند صحيح من حديث جابر الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل وأخرج الطبراني بسند صحيح عن الأغر المزني قال: قال لي أبو بكر: لا يسبقك أحد بالسلام، وأخرج الترمذي من حديث أبي أمامة مرفوعا: إن أولى الناس بالله من بدأ السلام وقال: حسن، والطبراني في حديث قلنا يا رسول الله إنا نلتقي فأينا يبدأ بالسلام؟ قال: أطوعكم لله تعالى.