مالك زيادة وذلك في أول الاسلام. والحديث قد أعل بالارسال، وليس بعلة عندنا على ما عرفت سيما وقد وصله البخاري، وتقدم أن الحديث من أدلة من قال بعدم وجوب التسمية ولا يتم ذلك. وإنما هو دليل على أنه لا يلزم أن يعلموا التسمية فيما يجلب إلى أسواق المسلمين وكذا ما ذبحه الاعراب من المسلمين لأنهم قد عرفوا التسمية، قال ابن عبد البر: لان المسلم لا يظن به في كل شئ إلا الخير إلا أن يتبين خلاف ذلك. ويكون الجواب عنهم بقوله فسموا إلخ من الأسلوب الحكيم وهو جواب السائل بغير ما يترقب كأنه يقول: الذي يهمكم أنتم أن تذكروا اسم الله عليه وتأكلوا منه، وهذا يقرر ما قدمناه من وجوب التسمية إلا أن تحمل أمور المسلمين على السلامة. وأما ما اشتهر من حديث المؤمن يذبح على اسم الله سمى أم لم يسم وإن قال الغزالي في الاحياء: إنه صحيح، فقد قال النووي: إنه مجمع على ضعفه. وقد أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقال: إنه منكر لا يحتج به. وكذا ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن الصلت السدوسي عن النبي (ص) قال ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله أو لم يذكر فهو مرسل، وإن كان الصلت ثقة فالارسال علة عند من لم يقبل المراسيل، وقولنا فيما تقدم إنه ليس الارسال علة: نريد إذا أعلوا به حديثا موصولا ثم جاء من جهة أخرى مرسلا.
6 - (وعن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه أن رسول الله (ص) نهى عن الخذف) بفتح الخاء المعجمة وسكون الذال المعجمة ففاء (وقال: إنها) أنث الضمير مع أن مرجعه الخذف وهو مذكر نظرا إلى المحذوف به وهي الحصاة (لا تصيد صيدا ولا تنكأ) بفتح حرف المضارعة وهمزة في آخره (عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين. متفق عليه واللفظ لمسلم). الخذف: رمي الانسان بحصاة أو نواة أو نحوهما يجعلها بين أصبعيه السبابتين أو السبابة والابهام. وفي تحريم ما يقتل بالخذف من الصيد الخلاف الذي مضى في صيد المثقل لان الحصاة تقتل بثقلها لا بحد. والحديث نهى عن الخذف لأنه لا فائدة فيه، ويخاف منه المفسدة المذكورة، ويلحق به كل ما فيه مفسدة. واختلف فيما يقتل بالبندقة فقال النووي: إنه إذا كان الرمي بالبنادق وبالخذف إنما هو لتحصيل الصيد وكان الغالب فيه عدم قتله فإنه يجوز ذلك إذا أدركه الصائد وذكاه كرمي الطيور الكبار بالبنادق. وأما أثر ابن عمر وهو ما أخرجه عنه البيهقي أنه كان يقول: المقتولة بالبندقة تلك الموقوذة فهذا في المقتولة بالبندقة، وكلام النووي في الذي لا يقتلها وإنما يحسبها على الرامي حتى يذكيها، وكلام أكثر السلف أنه لا يؤكل ما قتل بالبندقة وذلك لأنه قتل بالثقل. قلت: وأما البنادق المعروفة الآن فإنها ترمي بالرصاص فيخرج وقد صيرته نار البارود كالميل فيقتل بحده لا بصدمه فالظاهر حل ما قلته.