فقال: لا، فتركه. وساق روايات عن الصحابة دالة على التلقين. واختلف في إقرار السارق فذهبت الهادوية وأحمد وإسحاق إلى أنه لا بفي ثبوت السرقة بالاقرار من إقراره مرتين، وكأن هذا دليلهم ولا دلالة فيه لأنه خرج مخرج الاستثبات وتلقين المسقط، ولأنه تردد الراوي هل مرتين أو ثلاثا، وكان طريق الاحتياط لهم أن يشترطوا الاقرار ثلاثا ولم يقولوا به. وذهب الفريقان وغيرهم إلى أنه يكفي الاقرار مرة واحدة كسائر الأقارير، ولأنها قد وردت عدة روايات لم يذكر فيها اشتراط عدم الاقرار.
9 - (وأخرجه) أي حديث أبي أمية (الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فساقه بمعناه وقال فيه: اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه) بالمهملتين (وأخرجه البزار أيضا) أي من حديث أبي هريرة. (وقال: لا بأس بإسناده). الحديث دال على وجوب حسم ما قطع، والحسم: الكي بالنار، أي يكوى محل القطع لينقطع الدم، لان منافذ الدم تنسد وإذا ترك فربما استرسل الدم فيؤدي إلى التلف. وفي الحديث دلالة على أنه يأمر بالقطع والحسم الامام، وأجرة القاطع والحاسم من بيت المال وقيمة الدواء الذي يحسم به منه، لان ذلك واجب على غيره.
(فائدة): من السنة أن تعلق يد السارق في عنقه لما أخرجه البيهقي بسنده من حديث فضالة بن عبيد أنه سئل: أرأيت تعليق يد السارق في عنقه من السنة؟ قال: نعم رأيت النبي (ص) قطع سارقا ثم أمر بيده فعلقت في عنقه. وأخرج بسنده أن عليا رضي الله عنه قطع سارقا فمر به ويده معلقة في عنقه، وأخرج عنه أيضا أنه أقر عنده سارق مرتين فقطع يده وعلقها في عنقه، قال الراوي: فكأني أنظر إلى يده تضرب صدره.
10 - (وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال:
لا يغرم السارق إذ أقيم عليه الحد رواه النسائي وبين أنه منقطع وقال أبو حاتم:
هو منكر. رواه النسائي من حديث المسور بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف، والمسور لم يدرك جده عبد الرحمن بن عوف قال النسائي: هذا مرسل وليس بثابت. وكذا أخرجه البيهقي وذكر له علة أخرى. وفي الحديث دليل على أن العين المسروقة إذا تلفت في يد السارق لم يغرمها بعد أن وجب عليه القطع سواء أتلفها قبل القطع أو بعده. وإلى هذا ذهب الهادوية ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة، وفي شرح الكنز على مذهبه تعليل ذلك: بأن اجتماع حقين في حق واحد مخالف للأصول فصار القطع بدلا من الغرم ولذلك ثنى سرقة ما قطع به لم يقطع. وذهب الشافعي وأحمد وآخرون ورواية عن أبي حنيفة: إلى أنه يغرم لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. وحديث عبد الرحمن هذا لا تقوم به حجة مع ما قيل فيه، ولقوله تعالى: * (وتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * ولقوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ مسلم