به، والاثنان الآخران في النار، وفيه أنه يتضمن النهي عن تولية الجاهل القضاء. قال في مختصر شرح السنة: إنه لا يجوز لغير المجتهد أن يتقلد القضاء ولا يجوز للامام توليته، قال: والمجتهد من جمع خمسة علوم: علم كتاب الله، وعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاويل علماء السلف من إجماعهم واختلافهم. وعلم اللغة، وعلم القياس. وهو طريق استنباط الحكم من الكتاب والسنة إذا لم يجده صريحا في نص كتاب أو سنة أو إجماع، فيجب أن يعلم من علم الكتاب الناسخ والمنسوخ، والمجمل والمفسر، والخاص والعام، والمحكم والمتشابه، والكراهة والتحريم، والإباحة والندب، ويعرف من السنة هذه الأشياء، ويعرف منها الصحيح والضعيف والمسند والمرسل، ويعرف ترتيب السنة على الكتاب، وبالعكس، حتى إذا وجد حديثا لا يوافق ظاهره الكتاب اهتدى إلى وجه محمله، فإن السنة بيان للكتاب فلا تخالفه، وإنما تجب معرفة ما ورد منها من أحكام الشرع دون ما عداها من القصص والاخبار والمواعظ. وكذا يجب أن يعرف من علم اللغة ما أتى في الكتاب والسنة من أمور الاحكام دون الإحاطة بجميع لغات العرب، ويعرف أقاويل الصحابة والتابعين في الاحكام، ومعظم فتاوى فقهاء الأمة، حتى لا يقع حكمه مخالفا لأقوالهم، فيأمن فيه خرق الاجماع، فإذا عرف كل نوع من هذه الأنواع فهو مجتهد وإذا لم يعرفها فسبيله التقليد ا ه.
2 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين رواه أحمد والأربعة وصححه ابن خزيمة وابن حبان. دل الحديث على التحذير من ولاية القضاء والدخول فيه، كأنه يقول: من تولى القضاء فقد تعرض لذبح نفسه فليحذره وليتوقه، فإنه إن حكم بغير الحق مع علمه به أو جهله له فهو في النار، والمراد من ذبح نفسه إهلاكها أي فقد أهلكها بتوليه القضاء. وإنما قال: بغير سكين للاعلام بأنه لم يرد بالذبح فري الأوداج الذي يكون في الغالب بالسكين، بل أريد به إهلاك النفس بالعذاب الأخروي، وقيل: ذبح ذبحا معنويا، وهو لازم له، لأنه إن أصاب الحق فقد أتعب نفسه في الدنيا لإرادته الوقوف على الحق وطلبه واستقصاء ما يجب عليه رعايته في النظر في الحكم، والموقف مع الخصمين، والتسوية بينهما في العدل والقسط، وإن أخطأ في ذلك لزمه عذاب الآخرة، فلا بد له من التعب والنصب. ولبعضهم كلام في الحديث لا يوافق المتبادر منه.
3 - (وعنه) أي أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنكم ستحرصون على الامارة) عام لكل إمارة من الإمامة العظمى إلى أدنى إمارة ولو على واحد (وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة) أي في الدنيا (وبئست الفاطمة) أي بعد الخروج منها (رواه البخاري). قال الطيبي: تأنيث الامارة