فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حدت جارية لها زنت ورواه ابن وهب عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أن فاطمة بنت رسول الله (ص) كانت تجلد وليدتها خمسين إذا زنت. وذهبت الهادوية إلى أنه لا يقيم الحد عليه إلا الامام إلا أن لا يوجد إمام أقامه السيد. وذهبت الحنفية إلى أنه لا يقيم الحدود مطلقا إلا الامام أو من أذن له. وقد استدل الطحاوي بما أخرجه من طريق مسلم بن يسار قال: كان أبو عبد الله رجل من الصحابة يقول: الزكاة والحدود والفئ والجمعة إلى السلطان. قال الطحاوي: ولا نعلم له مخالفا من الصحابة. وقد تعقبه ابن حزم فقال: بل خالفه اثنا عشر نفسا من الصحابة. وقد سمعت ما روي عن الصحابة وكفي به ردا على الطحاوي. ومن ذلك ما أخرجه البيهقي عن عمرو بن مرة وفيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركت بقايا الأنصار وهم يضربون الوليدة من ولائدهم في مجالسهم إذا زنت قال الشافعي: وكان ابن مسعود يأمر به وأبو برزة يحد وليدته.
- 8 (وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة) هي المعروفة بالغامدية (أتت النبي (ص) وهي حبلى من الزنا فقالت: يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها فشكت عليها ثيابها) مبني للمجهول أي شدت وورد في رواية عليها ثيابها (ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها. فقال عمر أتصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعي من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها الله؟ رواه مسلم). ظاهر قوله: فإذا وضعت فائتني بها ففعل أنه وقع الرجم عقيب الوضع، إلا أنه قد ثبت في رواية أخرى أنها رجمت بعد أن فطمت ولدها وأتت به وفي يده كسرة خبز، ففي رواية الكتاب طي واختصار. قال النووي بعد ذكر الروايتين - وهما في صحيح مسلم -: ظاهرهما الاختلاف فإن الثانية صريحة في أن رجمها كان بعد فطامه وأكله الخبز، والأولى أنه رجمها عقيب الولادة، فيجب تأويل الأولى وحملها على وفق الثانية، فيكون قوله في الرواية الأولى قام رجل من الأنصار فقال: إلى رضاعه إنما قاله بعد الفطام وأراد برضاعه كفايته وتربيته وسماه رضاعا مجازا. انتهى باختصار. والحديث دليل على وجوب الرجم وتقدم الكلام فيه، وأما شد ثيابها عليها فلأجل أن لا تكشف عند اضطرابها من مس الحجارة. واتفق العلماء أنها ترجم المرأة قاعدة والرجل قائما، إلا عند مالك فقال: قاعدا، وقيل يتخير الامام بينهما. وفي الحديث دليل أنه صلى الله عليه وسلم صلى على المرأة بنفسه إن صحت الرواية، فصلى بالبناء للمعلوم إلا أنه قال الطبري: إنها بضم الصاد وكسر اللام قال: وكذا هو في رواية ابن أبي شيبة وأبي داود وفي رواية لأبي داود فأمرهم أن يصلوا ولكن أكثر الرواة لمسلم بفتح الصاد وفتح اللام. وظاهر قول عمر تصلي عليها أنه صلى الله عليه وسلم باشر الصلاة بنفسه، فهو يؤيد رواية الأكثر لمسلم، والقول بأن المراد من صلى أمر