بالاطلاع على العمل رياء، ولكنه يعارضه ما أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال:
حديث غريب قال: قلت: يا رسول الله بينا أنا في بيتي في صلاتي إذ دخل علي رجل فأعجبني الحال التي رآني عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك أجران، وفي الكشاف من حديث جند ب أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لك أجران أجر السر وأجر العلانية وقد يرجح هذا الظاهر قوله تعالى: * (ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول) * فدل على أن محبة الثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنافي الاخلاص ولا تعد من الرياء. ويتأول الحديث الأول بأن المراد بقوله إذا اطلع عليه سرني لمحبته للثناء عليه، فيكون الرياء في محبته للثناء على العمل وإن لم يخرج العمل عن كونه خالصا، وحديث أبي هريرة ليس فيه تعرض لمحبة الثناء من المطلع عليه.
وإنما هو مجرد محبة لما يصدر عنه وعلم به غيره. ويحتمل أن يراد بقوله فيعجبه أي يعجبه شهادة الناس له بالعمل الصالح لقوله صلى الله عليه وسلم: أنتم شهداء الله في الأرض وقال الغزالي: أما مجرد السرور باطلاع الناس إذا لم يبلغ أمره بحيث يؤثر في العمل فبعيد أن يفسد العبادة.
6 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آية المنافق) أي علامة نفاقه (ثلاث: إذ حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان متفق عليه). وقد ثبت عند الشيخين من حديث عبد الله بن عمر رابعة وهي وإذا خاصم فجر والمنافق من يظهر الايمان ويبطن الكفر. وفي الحديث دليل على أن من كانت فيه خصلة من هذه كانت فيه خصلة من النفاق، فإن كانت في هذه كلها فهو منافق وإن كان موقنا مصدقا بشرائع الاسلام. وقد استشكل الحديث بأن هذه الخصال قد توجد في المؤمن المصدق القائم بشرائع الدين، ولما كان كذلك اختلف العلماء في معناه، قال النووي: قال المحققون والأكثرون - وهو الصحيح المختار -: أن هذه الخصال هي خصال المنافقين، فإذا اتصف بها أحد من المصدقين أشبه المنافق فيطلق عليه اسم النفاق مجازا، فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه، وهو موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وأتمنه وخاصمه وعاهده من الناس، لا أنه منافق في الاسلام وهو يبطن الكفر، وقيل: إن هذا كان في حق المنافقين الذين كانوا في أيامه صلى الله عليه وسلم تحدثوا بإيمانهم فكذبوا، وأتمنوا على رسلهم فخانوا، ووعدوا في الدين بالنصر فغدروا وأخلفوا، وفجروا في خصوماتهم، وهذا قول سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ورجع إليه الحسن بعد أن كان على خلافه، وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر وروياه عن النبي (ص)، قال القاضي عياض: وإليه مال كثير من الفقهاء.
وقال الخطابي عن بعضهم: إنه ورد الحديث في رجل معين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجههم بصريح القول فيقول فلان منافق وإنما يشير إشارة. وحكى الخطابي أن