العاجز - والمرأة والضعيف: الحج. دل ما ذكر على أنه لا يجب الجهاد على المرأة، وعلى أن الثواب الذي يقوم مقام ثواب جهاد الرجال حج المرأة وعمرتها، ذلك لأن النساء مأمورات بالستر والسكون، والجهاد ينافي ذلك، إذ فيه مخالطة الاقران والمبارزة ورفع الأصوات. وأما جواز الجهاد لهن فلا دليل في الحديث على عدم الجواز، وقد أردف البخاري هذا الباب بباب خروج النساء للغزو وقتالهن وغير ذلك. وأخرج مسلم من حديث أنس أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه فهو يدل على جواز القتال وإن كان فيه ما يدل على أنها لا تقاتل إلا مدافعة وليس فيه أنها تقصد العدو إلى صفته وطلب مبارزته. وفي البخاري ما يدل على أن جهادهن إذا حضرن مواقف الجهاد سقي الماء ومداواة المرض ومناولة السهام.
4 - (وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد متفق عليه. سمي إتعاب النفس في القيام بمصالح الأبوين، وازعاجها في طلب ما يرضيهما وبذل المال في قضاء حوائجهما جهادا من باب المشاكلة لما استأذنه في الجهاد، من باب قوله تعالى: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) *. ويحتمل أن يكون استعارة بعلاقة الضدية، لان الجهاد فيه إنزال الضرر بالأعداء واستعمل في إنزال النفع بالوالدين. وفي الحديث دليل على أنه يسقط فرض الجهاد مع وجود الأبوين أو أحدهما لما أخرجه أحمد والنسائي من طريق معاوية بن جاهمة أن أبا جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت الغزو وجئت لأستشيرك فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم قال: ألزمها وظاهره سواء كان الجهاد فرض عين أو فرض كفاية، وسواء تضرر الأبوان بخروجه أو لا. وذهب الجماهير من العلماء إلى أنه يحرم الجهاد على الولد إذا منعه الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين لان برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية. فإذا تعين الجهاد فلا. فإن قيل: بر الوالدين فرض عين أيضا، والجهاد عند تعينه فرض عين، فهما مستويان ما وجه تقديم الجهاد؟ قلت:
لان مصلحته أعم، إذ هي لحفظ الدين والدفاع عن المسلمين، فمصلحته عامة مقدمة على غيرها وهو يقدم على مصلحة حفظ البدن. وفيه دلالة على عظم بر الوالدين فإنه أفضل من الجهاد وأن المستشار يشير بالنصيحة المحضة. وأنه ينبغي له أن يستفصل من مستشيره ليدله على ما هو الأفضل.
5 - (ولأحمد وأبي داود من حديث أبي سعيد نحوه) في الدلالة على أنه لا يجب عليه الجهاد ووالداه في الحياة إلا بإذنهما كما دل له قوله (وزاد) أي أبو سعيد في رواية (ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك) بالخروج للجهاد (وإلا فبرهما) بعدم الخروج للجهاد وطاعتهما.
6 - (وعن جرير البجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):