النية أجر صاحبه جزما، وإلا ففيه احتمال. والصدقة: هي ما يعطيه المتصدق لله تعالى، فيشمل الواجبة والمندوبة، والاخبار عنه بأنه صدقة من باب التشبيه البليغ، وهو إخبار بأن له حكم الصدقة في الثواب، وأنه لا يحتقر الفاعل شيئا من المعروف ولا يبخل به، وفي الحديث إن كل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة والامر بالمعروف صدقة والنهي عن المنكر صدقة وقال: في بضع أحدكم صدقة، والامساك عن الشر صدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة ولفظ كل معروف عام. وقد أخرج الترمذي وحسنه مرفوعا من حديث أبي ذر تبسمك في وجه أخيك صدقة لك، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة لك، وإرشادك في أرض الضلالة صدقة لك، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق صدقة لك، وإفراغك من دلوك إلى دلو أخيك صدقة وأخرجه ابن حبان في صحيحه. وفي الأحاديث إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر فيما هو أصلها، وهو ما أخرجه الانسان من ماله متطوعا، فلا تختص بأهل اليسار، بل كل واحد قادر على أن يفعلها في أكثر الأحوال من غير مشقة، فإن كل شئ يفعله الانسان أو يقوله من الخير يكتب له به صدقة.
10 - (وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
لا تحقرن من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق. بإسكان اللام ويقال: طليق. والمراد: سهل منبسط.
11 - (وعنه) أي أبي ذر (قال: قال رسول الله (ص): إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك أخرجهما مسلم. فيهما الحث على فعل المعروف ولو بطلاقة الوجه والبشر والابتسام في وجه من يلاقيه من إخوانه، وفيه الوصية بحق الجار وتعاهده ولو بمرقة تهديها إليه.
12 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من نفس) لفظ مسلم: من فرج (عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) هذا ليس في مسلم كما قال الشارح وقد أخرجه غيره (ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه أخرجه مسلم). الحديث فيه مسائل: الأولى: فضيلة من فرج عن المسلم كربة من كرب الدنيا، وتفريجها إما بإعطائه من ماله إن كانت كربته من حاجة، أو بذل جاهه في طلبه له من غيره أو قرضه، وإن كانت كربته من ظلم ظالم له فرجها بالسعي في رفعها عنه أو تخفيفها، وإن كانت كربة مرض أصابه أعانه على الدواء إن كان لديه أو على طبيب ينفعه، وبالجملة تفريج الكرب باب واسع فإنه يشمل إزالة كل ما ينزل بالعبد أو تخفيفه. الثانية: التيسير على المعسر هو أيضا من تفريج الكرب، وإنما خصه لأنه أبلغ، وهو إنظاره لغريمه في الدين أو إبراؤه له منه أو غير ذلك، فإن الله ييسر له عليه أموره ويسهلها له لتسهيله لأخيه فيما عنده له.