والنسائي لكن قال الشافعي: لم أر من رضيت من أهل العلم يثبته، كما تقدم، وقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي من حديث علي عليه السلام وابن عباس مرفوعين بلفظ المكاتب يعتق بقدر ما أدى ويرث ويقام عليه الحد بقدر ما عتق ولا علة له، وهو يؤيد حديث الكتاب ولعله هو. وإنما اختلف لفظه. وتقدم الخلاف في المسألة وبيان الراجح منها.
5 - (وعن عمرو بن الحارث رضي الله عنه) هو عمرو بن الحارث بن أبي ضرار بكسر الضاد المعجمة وراء خفيفة عداده في أهل الكوفة روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة وغيره (أخي جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة.
رواه البخاري). والحديث دليل على ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من تنزهه عن الدنيا وأدناسها وأعراضها، وخلو قلبه وقالبه عن الاشتغال بها، لأنه متفرغ للاقبال على تبليغ ما أمر به وعبادة مولاه والاشتغال بما يقربه إليه وما يرضاه، وقوله: ولا عبد ولا أمة وقد قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم أعتق ثلاثا وستين رقبة فلم يمت وعنده مملوك. والأرض التي جعلها صدقة قال أبو داود: كانت نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاه الله إياه فقال: * (ما أفاء على رسوله) * فأعطى أكثرها المهاجرين وبقي منها صدقة رسول الله (ص) التي في أيدي بني فاطمة. ولأبي داود أيضا من طريق ابن شهاب: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير وخيبر وفدك فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه، وأما فدك فكانت حبسا لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها بين المسلمين ثم قسم جزءا لنفقة أهله وما فضل منه جعله في فقراء المهاجرين.
6 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص):
أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته. أخرجه ابن ماجة والحاكم بإسناد ضعيف) إذ في سنده الحسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف جدا (ورجح جماعة وقفه على عمر رضي الله عنه). الحديث دال على حرية أم الولد بعد وفاة سيدها، وعليه دل الحديث الأول، حيث قال: ولا أمة، فإنه (ص) توفي وخلف مارية القبطية أم إبراهيم وتوفيت في أيام عمر، فدل أنها عتقت بوفاته (ص)، ولأجل هذا الحكم ذكر المصنف الحديث الأول، وتقدم الكلام في أم الولد مستوفى في كتاب البيع.
7 - (وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غارما في عسرته) الغارم: الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به ويؤديه، قاله في النهاية (أو مكاتبا في رقبته أظله الله يوم لا ظل إلا ظله رواه أحمد وصححه الحاكم). فيه دليل على عظم أجر هذه الإعانة لمن ذكر، وذكر هنا لأجل المكاتب. وقد قال تعالى في المكاتب: * (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا واتوهم من مال الله الذي أتاكم) * وقد أخرج النسائي من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم