بالنسب لتعذر التحقق فيه في الأغلب، وأراد البخاري بالموت القديم ما تطاول الزمان عليه، وحده البعض بخمسين سنة، وقيل أربعين، وذلك لأنه يشق فيه التحقيق وإلى العمل بالشهرة في النسب ذهب الهادوية والشافعية وأحمد، ومثله الموت، كذلك ذهبت إليه الهادوية في ثبوت الولاء، وقال المصنف في الفتح. اختلف العلماء في ضابط ما تفيد فيه الشهادة بالاستفاضة فيصح عند الشافعية في النسب قطعا، والولادة وفي الموت والعتق والولاء والولاية والوقف والعزل والنكاح وتوابعه والتعديل والتجريح والوصية والرشد والسفه، وذلك على الراجح في جميع ذلك، وبلغها بعض المتأخرين من الشافعية بضعة وعشرين موضعا، وهي مستوفاة في قواعد العلائي إلى آخر كلامه.
8 - (وعنه رضي الله أن رسول الله (ص) قضى بيمين وشاهد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وقال: إسناده جيد. قال ابن عبد البر:
لا مطعن لاحد في إسناده، كذا قال، لكنه قال الترمذي في العلل: سألت محمدا يعني البخاري عنه فقال: لم يسمعه عندي عمرو من ابن عباس يريد عمرو بن دينار راويه عن ابن عباس. وقال الحاكم: قد سمع عمرو من ابن عباس عدة أحاديث وسمع من جماعة من أصحابه فلا ينكر أن يكون سمع منه حديثا. وسمعه من أصحابه عنه وله شواهد.
9 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه مثله، أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان. وأخرجه أيضا الشافعي، وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه: وهو صحيح، وقد أخرج الحديث عن اثنين وعشرين من الصحابة. وقد سرد الشارح أسماءهم.
والحديث دليل على أنه يثبت القضاء بشاهد ويمين، وإليه ذهب جماهير من الصحابة والتابعين وغيرهم، وهو مذهب فقهاء المدينة السبعة والهادوية ومالك، وقال الشافعي: وعمدتهم هذه الأحاديث، واليمين وإن كان حاصلها تأكيد الدعوى لكن يعظم شأنها، فإنها إشهاد لله سبحانه أن الحقيقة كما يقول، ولو كان الامر على خلاف الدعوى لكان مفتريا على الله أنه يعلم صدقه، فلما كانت بهذه المنزلة العظيمة هابها المؤمن بإيمانه وعظمة شأن الله عنده أن يحلف به كاذبا، وهابها الفاجر لما يراه من تعجيل عقوبة الله لمن حلف يمينا فاجرة، فلما كان لليمين هذا الشأن صلحت للهجوم على الحكم كشهادة الشاهد، وقد اعتبرت الايمان فقط في اللعان وفي القسامة في مقام الشهود. وذهب زيد بن علي وأبو حنيفة وأصحابه إلى عدم الحكم باليمين والشاهد مستدلين بقوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * وقوله * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * قالوا: وهذا يقتضي الحصر ويفيد المخالفة أنه لا يكون بغير ذلك، وزيادة الشاهد واليمين تكون نسخا لمفهوم المخالفة، وأجيب عنه بأنه على تقدير اعتبار مفهوم المخالفة، يصح نسخه بالحديث الصحيح أعني حديث ابن عباس.
واستدلوا بقوله (ص): شاهداك أو يمينه وأجيب: بأن هذا الحديث صحيح وحديث الشاهد واليمين صحيح يعمل بهما في منطوقهما فإن مفهوم أحدهما لا يقاوم منطوق