فقال اشتر بهما لحما، وأخبر الناس أنه ضحى ابن عباس. وروى أن بلالا ضحى بديك، ومثله روى عن أبي هرير. والروايات عن الصحابة في هذا المعنى كثيرة دالة على أنها سنة 4 - (وعن جندب بن سفيان) وهو أبو عبد الله جندب بن سفيان الجبلي العلقمي الأخمسي، كان بالكوفة ثم انتقل إلى البصرة ثم خرج منها، ومات في فتنة ابن الزبير بعد أربع سنين (قال: شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى صلاته بالناس نضر إلى غنم قد ذبحت فقال: من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله. متفق عليه) فيه دليل على أن وقت التضحية من بعد صلاة العيد فلا تجرى قبله، والمراد صلاة المصلى نفسه. ويحتمل أن المراد صلاة الامام وأن اللام للعهد في قوله " يراد به المذكور قبلها وهي صلاته صلى الله عليه وسلم، وإليه ذهب مالك فقال: لا يجوز قبل صلاة الامام وخطبته وذبحه. ودليل اعتبار ذبح الامام ما رواه الطحاوي من حديث جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدية، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر فأمرهم أن يعيدوا ". وأجيب بأن المراد زجرهم عن التعجيل الذي قد يؤدى إلى فعلها قبل الوقت، ولذا لم يأت في الا حديث إلا تقييدها بصلاته صلى الله عليه وسلم، وقال أحمد مثل قول مالك ولم يشترط ذبحه. ونحوه من الحسن والأوزاعي وإسحاق بن راهويه. وقال الشافعي وداود: وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين وإن لم يصل الامام ولا يصلى المضحي. قال القرطبي: ظواهر الحديث تدل على تعليق الذبح بالصلاة لكن لما روى الشافعي أن من لا صلاة عليه مخاطب بالتضحية حمل الصلاة على وقتها. وقال بن دقيق العيد: هذا اللفظ أظهر في الصلاة، وهو قوله في رواية " من ذبح قبل أن يصلى فليذبح مكانها أخرى " قال لكن إن أجريناه على ظاهره اقتضى أنها لا تجزئ الأضحية في حق من لم يصل العيد. فان ذهب إليه أحد فهو أسعد الناس بظاهر هذا الحديث وإلا وجب الخروج عن هذا الظاهر وفي هذه الصورة ويبق ما عداها في محل البحث. وقد أخرج الطحاوي من حديث جابر " أن رجلا ذبح قبل أن يصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى أن يذبح أحد قبل الصلاة " صححه ابن حبان. وقد عرفت الأقوى دليلا من هذه الأقوال. وهذا الكلام في ابتداء وقت الضحية. وأما انتهاؤه فأقوال فعند الهادوية العاشر ويوما بعده. وبه قال مالك وأحمد. وعند الشافعي أن أيام الأضحى أربعة يوم النحر وثلاثة بعده، وعند داود وجماعة من التابعين يوم النحر فقط إلا في منى في ثلاثة الأيام. وعند جماعة أنه في آخر يوم من شهر ذي الحجة.
قال في نهاية المجتهد: سبب اختلافهم شيئان: أحدهما الاختلاف في الأيام المعلومات ما هي في قوله تعالى - ليشهدوا منافع لهم - الآية، فقيل يوم وهو المشهور وقيل: العشر الأول من ذي الحجة، والسبب الثاني: معارضة دليل الخطاب في هذه الآية بحديث