عندهم. روى عنه عثمان بن أبي حازم وهو: ابن ابنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم أخرجه أبو داود ورجاله موثوقون) وفي معناه الحديث المتفق عليه أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها أحرزوا دماءهم وأموالهم الحديث. وفي الحديث دليل على أن من أسلم من الكفار حرم دمه وماله. وللعلماء تفصيل في ذلك. قالوا: من أسلم طوعا من دون قتال ملك ماله وأرضه وذلك كأرض اليمن. وإن أسلموا بعد القتال فالاسلام قد عصم دماءهم وأما أموالهم فالمنقول غنيمة وغير المنقول فئ. ثم اختلف العلماء في هذه الأرض التي صارت فيئا للمسلمين على أقوال: الأول: لمالك ونصره ابن القيم أنها تكون وقفا يقسم خراجها في مصالح المسلمين وأرزاق المقاتلة وبناء القناطر والمساجد وغير ذلك من سبل الخير، إلا أن يرى الامام في وقت من الأوقات أن المصلحة في قسمتها كان له ذلك. قال ابن القيم: وبه قال جمهور العلماء وكانت عليه سيرة الخلفاء الراشدين ونازع في ذلك بلال وأصحابه وقالوا لعمر: أقسم الأرض التي فتحوها في الشام. وقالوا له: خذ خمسها واقسمها، فقال عمر: هذا غير المال ولكن أحبسه فيئا يجري عليكم وعلى المسلمين، ثم وافق سائر الصحابة عمر رضي الله عنه. وكذلك جرى في فتوح مصر وأرض العراق وأرض فارس وسائر البلاد التي فتحوها عنوة، فلم يقسم منها الخلفاء الراشدون قرية واحدة. ثم قال: ووافقه على ذلك جمهور الأئمة وإن اختلفوا في كيفية بقائها بلا قسمة، فظاهر مذهب الإمام أحمد وأكثر نصوصه على أن الامام مخير فيها تخيير مصلحة لا تخيير شهوة. فإن كان الأصلح للمسلمين قسمتها قسمها. وإن كان الأصلح أن يقفها على المسلمين وقفها عليهم. وإن كان الأصلح قسمة البعض ووقف. البعض فعله. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل الأقسام الثلاثة، فإنه قسم أرض قريظة والنضير. وترك قسمة مكة، وقسم بعض خيبر، وترك بعضها لما ينوبه من مصالح المسلمين. وذهب الهادوية إلى أن الامام مخير فيها بين الأصلح من الأربعة الأشياء: إما القسم بين الغانمين، أو يتركها لأهلها على خراج، أو يتركها على معاملة من غلتها، أو يمن بها عليهم، قالوا: وقد فعل مثل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
29 - (وعن جبير) بالجيم والموحدة والراء مصغرا (ابن مطعم) بزنة اسم الفاعل أي ابن عدي. وجبير صحابي عارف بالأنساب. مات سنة ثمان أو تسع وخمسين (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: لو كان المطعم بن عدي حيا) هو والد جبير (ثم كلمني في هؤلاء النتنى) جمع نتن بالنون والمثناة الفوقية (لتركتهم له.
رواه البخاري). المراد بهم أسارى بدر، وصفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك، كما وصف الله تعالى المشركين بالنجس، والمراد لو طلب مني تركهم وإطلاقهم من الأسر بغير فداء لفعلت ذلك، مكافأة له على يد كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك أنه صلى الله على وسلم لما رجع من الطائف دخل النبي (ص) في جوار المطعم بن عدي إلى