(تنبيه): ورد في مسلم الامر بقتل الكلاب فقال القاضي عياض: ذهب كثير من العلماء إلى الاخذ بالحديث في قتل الكلاب إلا ما استثني. قال: وهذا مذهب مالك وأصحابه.
وذهب آخرون إلى جواز اقتنائها جميعا ونسخ قتلها إلا الأسود البهيم قال: وعندي أن النهي أولا كان نهيا عاما عن اقتنائها جميعا وأمر بقتلها جميعا، ثم نهى عن قتل ما عدا الأسود ومنع الاقتناء في جميعها إلا المستثنى ا ه والمراد بالأسود البهيم ذو النقطتين فإنه شيطان، والبهيم الخالص السواد، والنقطتان معروفتان فوق عينيه:
2 - (وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله (ص) إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله، وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله تعالى) هذا إشارة إلى آلة الصيد الثانية أعني المحدد وهو قتله بالرماح والسيوف لقوله تعالى: * (تناله أيديكم ورماحكم) * ولكن الحديث في السهم (فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل متفق عليه وهذا لفظ مسلم) في الحديث مسائل: الأولى: أنه لا يحل صيد الكلب إلا إذا أرسله صاحبه فلو استرسل بنفسه لم يحل ما يصيده عند الجمهور، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أرسلت فمفهوم الشرط أن غير المرسل ليس كذلك. وعن طائفة أن المعتبر كونه معلما فيحل صيده وإن لم يرسله صاحبه بناء على أنه خرج قوله: إذا أرسلت مخرج الغالب فلا مفهوم له.
وحقيقة المعلم هو أن يكون بحيث يغرى فيقصد ويزجر فيقعد. وقيل: التعليم قبول الارسال والاغراء حتى يمتثل الزجر في الابتداء لا بعد العدو ويترك أكل ما أمسك فالمعتبر امتثاله للزجر قبل الارسال وأما بعد إرساله على الصيد فذلك متعذر. والتكليب إلهام من الله تعالى ومكتسب بالعقل، كما قال تعالى: * (تعلمونهن مما علمكم الله) * قال جار الله: مما عرفكم أن تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه وإمساك الصيد عليه وأن لا يأكل منه. المسألة الثانية: في قوله: فاذكر اسم الله عليه هذا مأخوذ من قوله تعالى: * (واذكروا اسم الله عليه) * فإن ضمير عليه يعود إلى ما أمسكن على معنى وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته، أو إلى ما علمتم من الجوارح أي سموا عليه عند إرساله كما أفاده الكشاف. وكذلك قوله: إن رميت فاذكر اسم الله دليل على اشتراط التسمية عند الرمي، وظاهر الكتاب والسنة وجوب التسمية. واختلف العلماء: فذهبت الهادوية والحنفية إلى أن التسمية واجبة على الذاكر عند الارسال ويجب عليه أيضا عند