قائم وفي صحيح البخاري أن عليا عليه السلام شرب قائما، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت فيكون فعله (ص) بيانا لكون النهي ليس للتحريم. وأما قوله: فليستقئ فإنه نقل العلماء على أنه ليس على من شرب قائما أن يستقئ، وكأنهم حملوا الامر أيضا على الندب.
12 - (وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع) أي نعله (فليبدأ بالشمال ولتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع. أخرجه مسلم) إلى قوله:
بالشمال، وأخرج باقيه مالك والترمذي وأبو داود. ظاهر الامر الوجوب، ولكنه ادعى القاضي عياض الاجماع على أنه للاستحباب. قال ابن العربي: البداءة باليمين مشروعة في جميع الأعمال الصالحة، لفضل اليمين حسا في القوة، وشرعا في الندب إلى تقديمها. قال الحليمي إنما يبدأ بالشمال عند الخلع لان اللبس كرامة، لأنه وقاية للبدن، فلما كانت اليمين أكرم من اليسرى بدأ بها في اللبس وأخرت في النزع لتكون الكرام لها أدوم وحصتها منها أكثر. وقال ابن عبد البر: من بدأ في الانتعال باليسرى أساء لمخالفة السنة. ولكن لا يحرم عليه لبس نعليه. وقال غيره: ينبغي أن تنزع النعل من اليسرى ويبدأ باليمين، ولعل ابن عبد البر يريد أنه لا يشرع له الخلع. إذا بدأ باليسرى ثم يستأنف لبسهما على الترتيب المشروع لأنه قد فات محله. وهذا الحديث لا يدل على استحباب الانتعال. لأنه قال: إذا انتعل أحدكم ولكنه يدل عليه ما أخرجه مسلم. استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل أي يشبه الراكب في خفة المشقة وقلة النصب وسلامة الرجل من أذى الطريق، فإن الامر إذا لم يحمل على الايجاب فهو للاستحباب.
13 - (وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمش أحدكم في نعل واحدة ولينعلهما) بضم حرف المضارعة من أنعل كما ضبطه النووي وضمير التثنية للرجلين وإن لم يجر لهما ذكر فإنه قد ذكر ما يدل عليهما من النعل (جميعا أو ليخلعهما) أي النعلين، وفي رواية للبخاري أو ليحفهما جميعا وهو للقدمين (جميعا. متفق عليه). ظاهر النهي عن المشي في نعل واحدة التحريم، وحمله الجمهور على الكراهة، فإنهم جعلوا القرينة حديث الترمذي عن عائشة قالت: ربما انقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى في النعل الواحدة حتى يصلحها إلا أنه رجح البخاري وقفه. وقد ذكر رزين عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتعل قائما ويمشي في نعل واحدة. واختلفوا في علة النهي، فقال قوم: علته أن النعال شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك ونحوه، فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لاحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى، فيخرج لذلك عن سجية مشيته، ولا يؤمن مع ذلك العثار، وقيل: إنها مشية الشيطان، وقال البيهقي: لما في ذلك من الشهر