في الحديث دليل على شدة حساب القضاة يوم القيامة، وذلك لما يتعاطونه من الخطر.
فينبغي له أن يتحرى الحق، ويبلغ فيه جهده، ويحذر من خلطاء السوء، من الوكلاء والأعوان ، فقد خرج البخاري وغيره من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا: ما استخلف الله من خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصمه الله تعالى وأخرجه النسائي من حديث أبي هرير مرفوعا بلفظ ما من وال إلا له بطانتان الحديث. ويحذر الغرماء والوكلاء، ويروي لهم حديث من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع وفي لفظ من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله رواهما أبو داود من حديث ابن عمر. ولما عرفت من تجنب أكابر العلماء ولاية القضاء كما قدمناه. وإذا كان هذا في القاضي العدل فكيف بقضاة الجور والجهالة؟. في ترجمة عبد الله بن وهب في الغربال: أنه كتب إليه الخليفة بقضاء مصر فاختفى في بيته فاطلع عليه بعضهم يوما فقال: يا بن وهب ألا تخرج فتحكم بين الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال. أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء، والقضاة مع السلاطين؟.
13 - (وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة رواه البخاري. فيه دليل على عدم جواز تولية المرأة شيئا من الاحكام العامة بين المسلمين، وإن كان الشارع قد أثبت لها أنها راعية في بيت زوجها، وذهب الحنفية إلى جواز توليتها الاحكام إلا الحدود، وذهب ابن جرير إلى جواز توليتها مطلقا.
والحديث إخبار عن عدم فلاح من ولي أمرهم امرأة، وهم منهيون عن جلب عدم الفلاح لأنفسهم مأمورون باكتساب ما يكون سببا للفلاح.
14 - (وعن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه) وهو صحابي اسمه عمرو بن مرة الجهني روى عنه ابن عمه أبو الشماخ وأبو المعطل وغيرهما (عن النبي (ص) قال: من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وفقيرهم احتجب الله دون حاجته. أخرجه أبو داود والترمذي). ولفظه عند الترمذي: ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته وأخرجه الحاكم عن أبي مخيمرة عن أبي مريم وله قصة مع معاوية. وذلك أنه قال لمعاوية:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ولاه الله - الحديث فجعل معاوية رجلا على حوائج المسلمين. ورواه أحمد من حديث معاذ بلفظ من ولي من أمور المسلمين شيئا فاحتجب عن أولي الضعف والحاجة احتجب الله تعالى عنه يوم القيامة ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس بلفظ أيما أمير احتجب عن الناس فأهملهم احتجب الله تعالى عنه يوم القيامة وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في هذا الحديث منكر. وأخرج الطبراني