الجوارح وهي ثمرات ذلك الخلق، وعند ظهورها يقال: تكبر وعند عدمها يقال: كبر، فالأصل هو خلف النفس الذي هو الاسترواح والركون إلى رؤية النفس فوق المتكبر عليه فهو يستدعي متكبرا عليه ومتكبرا به، وبه فارق العجب، فإنه لا يستدعي غير المعجب به حتى لو فرض انفراده دائما لما أمكن أن يقع منه العجب دون الكبر، فالعجب مجرد استعظام الشئ، فإن صحبه من يرى أنه فوقه كان تكبرا ا ه. والاختيال في المشية هو من التكبر وعطفه عليه من عطف أحد نوعي الكبر على الآخر، كأنه يقول: من جمع بين نوعين من أنواع هذا الكبر يستحق الوعيد، ولا يلزم منه أن أحدهما لا يكون بهذه المثابة لأنه قد ثبتت أحاديث في ذم الكبر مطلقا. والحديث وغيره دال على تحريم الكبر وإيجابه لغضب الله تعالى.
31 - (وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
العجلة من الشيطان أخرجه الترمذي وقال: حسن. العجلة: هي السرعة في الشئ، وهي مذمومة فيما كان المطلوب فيه الأناة، محمودة فيم يطلب تعجيله من المسارعة إلى الخيرات ونحوها، وقد يقال: لا منافاة بين الأناة والمسارعة، فإن سارع بتؤدة وتأن فيتم له الأمران والضابط أن خيار الأمور أوسطها.
32 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (ص): الشؤم سوء الخلق أخرجه أحمد وفي اسناده ضعف. الشؤم ضد اليمن، وتقدم الكلام على حقيقة سوء الخلق وأنه الشؤم، وأن كل ما يلحق من الشرور فسببه سوء الخلق، وفيه إشعار بأن سوء الخلق وحسنه اختيار مكتسب للعبد، وتقدم تحقيقه.
33 - (وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
إن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة أخرجه مسلم. تقدم الكلام في اللعن قريبا، والحديث إخبار بأن كثيري اللعن ليس لهم عند الله قبول شفاعة يوم القيامة أي لا يشفعون حين يشفع المؤمنون في إخوانهم. ومعنى ولا شهداء قيل: لا يكونون يوم القيامة شهداء على تبليغ الأمم رسلهم إليهم الرسالات، وقيل: لا يكونون شهداء في الدنيا ولا تقبل شهادتهم لفسقهم، لان إكثار اللعن من أدلة التساهل في الدين، وقيل: لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله. فيوم القيامة متعلق بشفعاء وحده على هذين الأخيرين، ويحتمل عليهما أن يتعلق بهما، ويراد أن شهادته لما تقبل في الدنيا لم يكتب له في الآخرة ثواب من شهد بالحق، وكذلك لا يكون له في الآخرة ثواب الشهداء.
34 - (وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
من عير أخاه بذنب) من عابه به (لم يمت حتى يعمله أخرجه الترمذي وحسنه وسنده منقطع). كأنه حسنه الترمذي لشواهده فلا يضره انقطاعه، وكأن من عير أخاه أي عابه، من العار وهو كل شئ لزم به عيب كما في القاموس - يجازى بسلب التوفيق حتى يرتكب ما عير أخاه به، وذاك إذا صحبه إعجابه بنفسه بسلامته مما عير به أخاه، وفيه أن ذكر