أربعمائة وقال: من ألقى سلاحه فهو حر. قالوا: وخالف المضطر فإن في القتل شهادة بخلاف ترك الأكل. وهل ترك الدفاع عن قتل النفس مباح أو مندوب؟ فيه خلاف.
كتاب الجها الجهاد: مصدر جاهدت جهادا أي بلغت المشقة، هذا معناه لغة. وفي الشرع: بذل الجهد في قتال الكفار أو البغاة.
1 - (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق رواه مسلم. فيه دليل على وجوب العزم على الجهاد، وألحقوا به فعل كل واجب، قالوا: فإن كان من الواجبات المطلقة كالجهاد وجب العزم على فعله عند إمكانه وإن كان من الواجبات المؤقتة وجب العزم على فعله عند دخول وقته. وإلى هذا ذهب جماعة من أئمة الأصول، وفي المسألة خلاف معروف. ولا يخفى أن المراد من الحديث هنا أن من لم يغز بالفعل ولم يحدث نفسه بالغزو مات على خصلة من خصال النفاق، فقوله: ولم يحدث نفسه لا يدل على العزم الذي معناه عقد النية على الفعل، بل معناه هنا لم يخطر بباله أن يغزو، ولا حدث به نفسه ولو ساعة من عمره ولو حدثها به أو خطر الخروج للغزو بباله حينا من الأحيان، خرج من الاتصاف بخصلة من خصال النفاق. وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم: ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه أي لم يخطر بباله شئ من الأمور، وحديث النفس غير العزم وعقد النية. ودل على أن من حدث نفسه بفعل طاعة ثم مات قبل فعلها أنه لا يتوجه عليه عقوبة من لم يحدث نفسه بها أصلا.
2 - (وعن أنس رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم. الحديث دليل على وجوب الجهاد بالنفس، وهو: بالخروج والمباشرة للكفار، وبالمال وهو: بذله لما يقوم به من النفقة في الجهاد والسلاح ونحوه. وهذا هو المفاد من عدة آيات في القرآن * (جاهدوا بأموالكم وأنفسكم) * والجهاد باللسان بإقامة الحجة عليهم ودعائهم إلى الله تعالى، وبالأصوات عند اللقا والزجر ونحوه من كل ما فيه نكاية للعدو * (لا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح) * وقال صلى الله عليه وعلى وسلم لحسان: إن هجو الكفار أشد عليهم من وقع النبل.
3 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله على النساء جهاد؟) هو خبر في معنى الاستفهام وفي رواية: أعلى النساء؟ (قال: نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة. رواه ابن ماجة وأصله في البخاري) بلفظ قالت عائشة: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: جهادكن الحج وفي لفظ له آخر فسأله نساؤه عن الجهاد فقال نعم، الجهاد الحج، وأخرج النسائي عن أبي هريرة جهاد الكبير - أي