صلى الله عليه وسلم ذلك، لأنه قال: ولم يغيره النبي (ص). وأما رواية ابن عمر عند مسلم أيضا بلفظ ونفلنا رسول الله (ص) بعيرا بعيرا فقد قال النووي:
نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما كان مقررا لذلك. ولكن الحديث عند أبي داود بلفظ فأصبنا نعما كثيرة وأعطانا أميرنا بعيرا بعيرا لكل انسان ثم قدمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل اثني عشر بعيرا بعد الخمس فدل على أن التنفيل من الأمير، والقسمة منه صلى الله عليه وسلم. وقد جمع بين الروايات بأن التنفيل كان من الأمير قبل الوصول إلى النبي (ص) ثم بعد الوصول قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين الجيش، وتولى الأمير قبض ما هو للسرية جملة ثم قسم ذلك على أصحابه، فمن نسب إلى النبي (ص) فلكونه الذي قسم أولا، ومن نسب ذلك إلى الأمير فباعتبار أنه الذي أعطى أصحابه آخرا. وفي الحديث دليل على جواز التنفيل للجيش، ودعوى أن يختص ذلك بالنبي (ص) لا دليل عليه، بل تنفيل الأمير قبل الوصول إليه (ص) في هذه القصة دليل على عدم الاختصاص. وقول مالك إنه يكره أن يكون التنفيل بشرط من الأمير، بأن يقول: من فعل كذا فله كذا قال: لأنه يكون القتال للدنيا فلا يجوز، يرده قوله (ص): من قتل قتيلا فله سلبه سواء ما قاله (ص) قبل القتال أبعده فإنه تشريع عام إلى يوم القيامة، وأما لزوم كون القتال للدنيا فالعمدة الباعث عليه لأنه لا يصير قول الإمام: من فعل كذا فله كذا قتاله للدنيا بعد الاعلام له أن المجاهد في سبيل الله من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا. فمن كان قصده إعلاء كلمة الله لم يضره أن يريد مع ذلك المغنم والاسترزاق كما قال (ص): واجعل رزقي تحت ظل رمحي. واختلف العلماء هل يكون التنفيل من أصل الغنيمة أو من الخمس أو من خمس الخمس؟ قال الخطابي: أكثر ما روي من الاخبار يدل على أن النفل من أصل الغنيمة.
32 - (وعنه) أي ابن عمر (قال: قسم رسول الله (ص) يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما متفق عليه واللفظ للبخاري، ولأبي داود) أي ابن عمر (أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهمين لفرسه وسهما له). الحديث دليل على أنه يسهم لصاحب الفرس ثلاثة سهام من الغنيمة، له سهم ولفرسه سهمان. وإليه ذهب الناصر والقاسم ومالك والشافعي لهذا الحديث، ولما أخرجه أبو داود من حديث أبي عمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى للفرس سهمين ولكل انسان سهما فكان للفارس ثلاثة أسهم، ولما أخرجه النسائي من حديث الزبير أن النبي (ص) ضرب له أربعة أسهم سهمين لفرسه وسهما له وسهما لقرابته يعني من النبي (ص). وذهبت الهادوية والحنفية إلى أن الفرس له سهم واحد لما في بعض روايات أبي داود بلفظ فأعطى للفارس سهمين وللراجل سهما وهو من حديث مجمع بن جارية، ولا يقاوم حديث الصحيحين.
واختلفوا إذا حضر بفرسين فقال الجمهور: لا يسهم إلا لفرس واحد ولا يسهم لها إلا إذا حضر بها القتال.