ولا يكره، قالوا: والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى الثلاثة خاصة، وقد تقدم هذا في آخر باب الاعتكاف.
21 - (وعن عمر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ قال: فأوف بنذرك متفق عليه، وزاد البخاري في رواية فاعتكف ليلة. دل الحديث على أنه يجب على الكافر الوفاء بما نذر به إذا أسلم.
وإليه ذهب البخاري وابن جرير وجماعة من الشافعية لهذا الحديث. وذهب الجماهير إلى أنه لا ينعقد النذر من الكافر. قال الطحاوي: لا يصح منه التقرب بالعبادة، قال: ولكنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم من عمر أنه سمح بفعل ما كان نذر فأمره به، لان فعله طاعة وليس هو ما كان نذر به في الجاهلية. وذهب بعض المالكية إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر به استحبابا، وإن كان التزمه في حال لا ينعقد فيها. ولا يخفى أن القول الأول أوفق بالحديث، والتأويل تعسف. وقد استدل به على أن الاعتكاف لا يشترط فيه الصوم إذ الليل ليس ظرفا، وتعقب بأن في رواية عند مسلم يوما وليلة وقد ورد ذكر الصوم صريحا في رواية أبي داود والنسائي اعتكف وصم وهو ضعيف.
كتاب القضاء القضاء: بالمد الولاية المعروفة وهو في اللغة: مشترك بين أحكام الشئ والفراغ منه، ومنه * (فقضاهن سبع سماوات) * وبمعنى إمضاء الامر ومنه * (وقضينا إلى بني إسرائيل) * وبمعنى الحتم والالزام ومنه: * (وقضى ربك ألا تعبد وا إلا إياه) *. وفي الشرع: إلزام ذي الولاية بعد الترافع، وقيل: هو الاكراه بحكم الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أو جهة، والمراد بالجهة كالحكم لبيت المال أو عليه.
1 - (عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة) وكأنه قيل: من هم؟ فقال: (رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار رواه الأربعة وصححه الحاكم). وقال في علوم الحديث:
تفرد به الخراسانيون وروته مراوزة، قال المصنف: له طرق غير هذه جمعتها في جزء مفرد.
والحديث دليل على أنه لا ينجو من النار من القضاء إلا من عرف الحق وعمل به، والعمدة العمل فإن من عرف الحق ولم يعمل به فهو ومن حكم بجهل سواء في النار. وظاهره أن من حكم بجهل وإن وافق حكمه الحق فإنه في النار، لأنه أطلقه وقال: فقضى للناس على جهل فإنه يصدق على من وافق الحق وهو جاهل في قضائه - أنه قضى على جهل، وفيه التحذير من الحكم بجهل، أو بخلاف الحق مع معرفته به. والذي في الحديث أن الناجي من قضى بالحق عاله