بضم الدال المهملة وسكون الواو. ودومة الجندل اسم محل (فأخذوه وأتوا به فحقن له دمه وصالحه على الجزية. رواه أبو داود). قال الخطابي: أكيدر دومة: رجل من العرب يقال إنه من غسان. ففي هذا دليل على أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم انتهى. قلت:
فهو من أدلة ما قدمناه. وكان صلى الله عليه وسلم بعث خالدا من تبوك والنبي صلى الله عليه وسلم بها في آخر غزاة غزاها وقال لخالد إنك تجده يصيد البقر فمضى خالد حتى إذا كان من حصنه بمبصر العين في ليلة مقمرة أقام وجاءت بقر الوحش حتى حكت قرونها بباب القصر فخرج إليها أكيدر في جماعة من خاصته، فتلقتهم جند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا أكيدر وقتلوا أخاه حسان فحقن رسول الله دمه وكان نصرانيا، واستلب خالد من حسان قباء ديباج مخوصا بالذهب، وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجار خالد أكيدرا من القتل حتى يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يفتح له دومة الجندل، ففعل، وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس وألفي درع وأربعمائة رمح فعزل رسول الله (ص) صفيه خالصا، ثم قسم الغنيمة - الحديث. وفيه أنه قدم خالد بأكيدر على رسول الله (ص) فدعاه إلى الاسلام فأبى فأقره على الجزية.
3 - (وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله (ص) إلى اليمن وأمرني: أن آخذ من كل حالم دينارا أو عدله) بالعين المهملة مفتوحة وتكسر: المثل، وقيل: بالفتح ما عادل من جنسه وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل: بالعكس كما في النهاية ثم دال مهملة (معافريا) بفتح الميم فعين مهملة بعدها ألف ففاء وراء بعدها ياء النسبة إلى معافر، وهي بلد باليمن تصنع فيها الثياب فنسبت إليها، فالمراد أو عدله ثوبا معافريا (أخرجه الثلاثة وصححه ابن حبان والحاكم). وقال الترمذي: حديث حسن، وذكر أن بعضهم رواه مرسلا وأنه أصح. وأعله ابن حزم بالانقطاع وأن مسروقا لم يلق معاذا، وفيه نظر. وقال أبو داود: إنه منكر، قال: وبلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكارا شديدا. قال البيهقي: إنما المنكر رواية أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ. فأما رواية الأعمش عن أبي وائل عن مسروق فإنها محفوظة قد رواها عن الأعمش جماعة، منهم: سفيان الثوري وشعبة ومعمر وأبو عوانة ويحيى بن شعبة وحفص بن غياث.
وقال بعضهم: عن معاذ، وقال بعضهم: إن النبي (ص) لما بعث معاذا إلى اليمن أو معناه. والحديث دليل على تقدير الجزية بالدينار من الذهب على كل حالم أي بالغ، وفي رواية محتلم، وظاهر إطلاقه سواء كان غنيا أو فقيرا، والمراد أنه يؤخذ الدينار ممن ذكر في السنة، وإلى هذا ذهب الشافعي فقال: أقل ما يؤخذ من أهل الذمة دينار عن كل حالم، وبه قال أحمد فقال: الجزية دينار أو عدله من المعافري لا يزاد عليه ولا ينقص. إلا أن الشافعي جعل ذلك حدا في جانب القلة وأما الزيادة فتجوز لما أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس أن النبي (ص) صالح أهل نجران على ألفي