وفي الآخرة بإحراز مثوبته وتشفيعه في أمته. والشفاعة العظمى للخلائق أجمعين في المقام المحمود ومشاركة الآل والأزواج بالعطف يراد به في حقهم التعظيم اللائق بهم. وبهذا يظهر وجه اختصاص الصلاة بالأنبياء استقلالا دون غيرهم. ويتأيد هذا بما أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس يرفعه إذا صليتم علي فصلوا على أنبياء الله فإن الله تعالى بعثهم كما بعثني فجعل العلة البعثة فتكون مختصة بمن بعث. وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن عباس ما أعلم الصلاة تنبغي لاحد على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم وحكى القول به عن مالك وقال:
ما تعبدنا به. وقال القاضي عياض: عامة أهل العلم على الجواز قال: وأنا أميل إلى قول مالك، وهو قول المحققين من المتكلمين والفقهاء. قالوا: يذكر غير الأنبياء بالترضي والغفران، والصلاة على غير الأنبياء يعني استقلالا لم تكن من الأمر بالمعروف، وإنما حدثت في دولة بني هاشم يعني العبيديين. وأما الملائكة فلا أعلم فيه حديثا وإنما يؤخذ ذلك من حديث ابن عباس لان الله سماهم رسلا. وأما المؤمنون فقالت طائفة: لا تجوز استقلالا وتجوز تبعا فيما ورد به النص كالآل والأزواج والذرية، ولم يذكر في النص غيرهم فيكون ذلك خاصا ولا يقاس عليهم الصحابة ولا غيرهم، وقد بينا أنه يدعى للصحابة ونحوهم بما ذكره الله من أنه رضي عنهم وبالمغفرة كما أمر بها رسوله: * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * وأما الصلاة عليهم فلم ترد. والمسألة فيها خلاف معروف، فقال بجوازه البخاري، ووردت أحاديث بأنه صلى الله عليه وسلم صلى على آل سعد بن عبادة. أخرجه أبو داود والنسائي بسند جيد، وورد بأنه صلى الله عليه وسلم صلى على آل أبي أوفى، فمن قال بجوازه استقلالا على سائر المؤمنين فهذا دليله. ومن أدلته أن الله تعالى قال: * (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) * ومن منع قال: هذا ورد من الله ومن رسوله (ص) لم يرد الاذن لنا وقال ابن القيم: يصلى على غير الأنبياء والملائكة وأزواج النبي (ص) وذريته وأهل طاعته على سبيل الاجمال. ويكره في غير الأنبياء لشخص مفرد بحيث يصير شعارا لا سيما إذا ترك في حق مثله وأفضل منه - كما تفعل الرافضة - فلو اتفق وقوع ذلك مفردا في بعض الأحايين من غير أن يتخذ شعارا لم يكن فيه بأس. واختلفوا أيضا في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقا، وقيل: تبعا ولا يفرد بواحد لكونه صار شعارا للرافضة، ونقله النووي عن الشيخ محمد الجويني. قلت: هذا التعليل بكونه صار شعارا لا ينهض على المنع والسلام على الموتى قد شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وكان ثابتا في الجاهلية كما قال الشاعر:
عليك سلام الله قيس بن عاصم * ورحمته ما شاء أن يترحما وما كان قيس موته موت واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما 5 - (وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له عشر مرات كان كمن أعتق أربعة