تعالى: * (فقد حرم الله عليه الجنة) * وهو على رأي من يقول بخلود أهل الكبائر في النار واضح، وقد حمله من لا يرى خلود أهل الكبائر في النار على الزجر والتغليظ، قال ابن بطال: هذا وعيد شديد على أئمة الجور، فمن ضيع من استرعاه الله عليهم أو خانهم أو ظلمهم فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة، فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة؟ ومعنى حرم الله عليه الجنة أي أنفذ عليه الوعيد ولم يرض عنه المظلومين.
10 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (ص): اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه أخرجه مسلم شق عليهم: أدخل عليهم المشقة أي المضرة. والدعاء عليه منه (ص) بالمشقة جزاء من جنس الفعل، وهو عام لمشقة الدنيا والآخرة وتمامه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ورواه أبو عوانة في صحيحه بلفظ ومن ولي منهم شيئا فشق عليهم فعليه بهلة الله فقالوا: يا رسول الله وما بهلة الله؟ قال: لعنة الله. والحديث دليل على أنه يجب على الوالي تيسير الأمور على من وليهم والرفق بهم، ومعاملتهم بالعفو والصفح، وإيثار الرخصة على العزيمة في حقهم لئلا يدخل عليهم المشقة، ويفعل بهم ما يحب أن يفعل به الله.
11 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
إذا قاتل أحدكم) أي غيره كما يدل له فاعل (فليجتنب الوجه متفق عليه) وفي رواية إذا ضرب أحدكم وفي رواية فلا يلطمن الوجه. وهو دليل على تحريم ضرب الوجه، وأنه يتقى فلا يضرب ولا يلطم ولو في حد من الحدود الشرعية، ولو في الجهاد، وذلك لان الوجه لطيف يجمع المحاسن، وأعضاؤه لطيفة، وأكثر الادراك بها، فقد يبطلها ضرب الوجه وقد ينقصها، وقد يشين الوجه والشين فيه فاحش، لأنه بارز ظاهر لا يمكن ستره، ومتى أصابه ضرب لا يسلم غالبا من شين، وهذا النهي عام لكل ضرب ولطم من تأديب أو غيره.
12 - (وعنه) أي أبي هريرة (أن رجلا قال: يا رسول الله أوصني. قال:
لا تغضب فردد مرارا قال: لا تغضب أخرجه البخاري). جاء في رواية أحمد تفسيره بأنه جارية - بالجيم - ابن قدامة، وجاء في حديث أنه سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت يا رسول الله قل لي قولا أنتفع به وأقلل. قال: لا تغضب ولك الجنة وورد عن آخرين من الصحابة مثل ذلك. والحديث نهى عن الغضب وهو كما قال الخطابي: نهى عن اجتناب أسباب الغضب وعدم التعرض لما يجلبه، وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه لأنه أمر جبلي. وقال غيره: وقع النهي عما كان من قبيل ما يكتسب فيدفعه بالرياضة، وقيل هو نهي عما ينشأ عنه الغضب وهو الكبر، لكونه يقع عند مخالفة أمر يريده فيحمله الكبر على الغضب، والذي يتواضع حتى تذهب عنه عزة النفس يسلم من شر الغضب. وقيل: معناه لا تفعل ما يأمرك به الغضب. قيل: إنما اقتصر صلى الله تعالى عليه وسلم على هذه اللفظة لان السائل