لأنه الأصل في جواهر الأرض كلها. قال الخطابي: ولذلك فإن الصكاك القديمة كان يكتب فيها عشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل فعرفت الدارهم بالدنانير وحصرت بها، حتى قال الشافعي إن الثلاثة الدراهم إذا لم تكن قيمتها ربع دينار لم توجب القطع كما قدمنا. وقال بقول الشافعي في التقويم: أبو ثور الأوزاعي وداود. وقال أحمد بقول مالك في التقويم بالدراهم، وهذان القولان في قدر النصاب تفرعا عن الدليل كما عرفت. وفي الباب أقوال كما قدمنا لم ينهض لها دليل فلا حاجة إلى شغل الأوراق والأوقات بالقال والقيل.
3 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي (ص) قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم متفق عليه. المجن بكسر الميم وفتح الجيم الترس مفعل من الاجتنان وهو الاستتار والاختفاء، وكسرت ميمه لأنه آلة في الاستتار قال:
وكان مجني دون من كنت أتقي * ثلاث شخوص كاعبان ومغفري وقد عرفت مما مضى أن الثلاثة الدراهم ربع دينار ويدل له قوله: وفي رواية لأحمد ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك بعد أن ذكر القطع في ربع الدينار. ثم أخبر الراوي هنا أنه (ص) قطع في ثلاثة دراهم، ما ذاك إلا لأنها ربع دينار، وإلا لنا في قوله: ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك وقوله هنا قيمته هذا هو المعتبر أعني القيمة وورد في بعض ألفاظ هذا الحديث عند الشيخين بلفظ ثمنه ثلاثة دراهم. قال ابن دقيق العيد: المعتبر القيمة وما ورد في بعض الروايات من ذكر الثمن فكأنه لتساويهما عند الناس في ذلك الوقت أو في عرف الراوي أو باعتبار الغلبة، وإلا فلو اختلفت القيمة والثمن الذي شراه به مالكه لم يعتبر إلا القيمة.
4 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده متفق عليه أيضا. تقدم أنه من أدلة الظاهرية، ولكنه مؤول بما ذكر قريبا والموجب لتأويله ما عرفته من قوله في المتفق عليه لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار وقوله فيما أخرجه أحمد ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك فتعين تأويله بما ذكرناه. وأما تأويل الأعمش له بأنه أريد بالبيضة بيضة الحديد، وبالحبل حبل السفن فغير صحيح لان الحديث ظاهر في التهجين على السارق لتفويته العظيم بالحقير. قيل: فالوجه في تأويله أن قوله لتقطع خبر لا أمر ولا فعل وذلك ليس بدليل لجواز أن يريد صلى الله تعالى عليه وسلم أنه يقطعه من لا يراعي النصاب، أو بشهادة على النصاب ولا يصح إلا دونه أو نحو ذلك.
5 - (وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (ص) قال:) مخاطبا لأسامة (أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال: أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. متفق عليه واللفظ لمسلم وله) أي لمسلم (من