السائل للطعام وغيره، فالامر محمول على فعل ما هو أولى من تركه ليشمل الواجب والمندوب والامر بصلاة الليل في قوله: صلوا بالليل فقد ورد تفسيره بصلاة العشاء، والمراد بالناس اليهود والنصارى، ويحتمل أنه أريد ذلك وما يشمل نافلة الليل. وقوله تدخلوا الجنة بسلام إخبار بأن هذه الأفعال من أسباب دخول الجنة، وكأنه بسببها يحصل لفاعلها التوفيق وتجنيب ما يوبقها من الأعمال وحصول الخاتمة الصالحة.
14 - (وعن تميم الداري رضي الله عنه) هو أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة، نسب إلى جده دار ويقال الديري نسبة إلى دير كان فيه قبل الاسلام وكان نصرانيا وليس في الصحيحين والموطأ داري ولا ديري إلا تميم، أسلم سنة تسع كان يختم القرآن في ركعة وكان ربما ردد الآية الواحدة الليل كله إلى الصباح، سكن المدينة ثم انتقل منها إلى الشام، وروى النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته قصة الجساسة والدجال، وهي منقب له وهي داخلة في رواية الأكابر عن الأصاغر وليس له في صحيح مسلم إلا هذا الحديث وليس له في البخاري شئ (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة ثلاثا -) أي قالها ثلاثا (قلنا: لمن يا رسول الله؟) أي من يستحقها (قال:
لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم أخرجه مسلم). هذا الحديث جليل. قال العلماء: إنه أحد الأحاديث الأربعة التي يدور عليها الاسلام، وقال النووي:
ليس الامر كما قالوه بل عليه مدار الاسلام قال الخطابي: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له. ومعنى الاخبار عن الدين بها أن عماد الدين وقوامه النصيحة.
قالوا: والنصح لله: الايمان به ونفي الشرك عنه وترك الالحاد في صفاته ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها وتنزيهه تعالى عن جميع أنواع النقائص والقيام بطاعته واجتناب معاصيه والحب فيه والبغض فيه وموالاة من أطاعه ومعادا من عصاه وغير ذلك مما يجب له تعالى. قال الخطابي: وجميع هذه الأشياء راجعة إلى العبد من نصيحة نفسه، والله تعالى غني عن نصح الناصح. والنصيحة لكتابة: الايمان بأنه كلامه تعالى وتحليل ما حلله وتحريم ما حرمه والاهتداء بما فيه والتدبر لمعانيه والقيام بحقوق تلاوته والاتعاظ بمواعظه والاعتبار بزواجره والمعرفة له والنصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تصديقه بما جاء به واتباعه فيما أمر به ونهى عنه وتعظيم حقه وتوقيره حيا وميتا، ومحبة من أمر بمحبته من آله وصحبه ومعرفة سنته والعمل بها ونشرها والدعاء إليها والذب عنها. والنصيحة لائمة المسلمين: إعانتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتذكيرهم لحوائج العباد ونصحهم في الرفق والعدل. قال الخطابي: ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم والجهاد معهم. وتعدد أسباب الخير في كل من هذه الأقسام لا تنحصر قيل: وإذا أريد بأئمة المسلمين: العلماء، فنصحهم بقبول أقوالهم وتعظيم حقهم والاقتداء بهم، ويحتمل أنه يحمل الحديث عليهما فهو حقيقة فيهما. والنصيحة لعامة المسلمين: بإرشادهم إلى