محبة الله لعبده بأنها إرادته الخير له وهدايته ورحمته، ونقيض ذلك بغض الله له. والتقي: هو الآتي بما يجب عليه المجتنب لم يحرم عليه. والغني: هو غني النفس، فإنه الغني المحبوب قال (ص): ليس الغني بكثرة العرض ولكن الغني غني النفس وأشار عياض إلى أن المراد به غني المال وهو محتمل. والخفي: - بالخاء المعجمة والفاء - أي الخامل المنقطع إلى عبادة الله والاشتغال بأمور نفسه، وضبطه بعض رواة مسلم بالحاء المهملة، ذكره القاضي عياض، والمراد به الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء. وفيه دليل على تفضيل الاعتزال وترك الاختلاط بالناس.
8 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) أي يهمه من عناه يعنوه ويعنيه أهمه (رواه الترمذي، وقال: حسن). هذا الحديث من جوامع الكلم النبوية، يعم الأقوال، كما روي أن في صحف إبراهيم عليه السلام من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. ويعم الأفعال فيندرج فيه ترك التوسع في الدنيا وطلب المناصب والرياسة وحب المحمدة والثناء وغير ذلك ما لا يحتاج إليه المرء في إصلاح دينه وكفايته من دنياه. وأما اشتغال العلماء بالمسائل الفرضية فقيل: إنه ليس من الاشتغال بما لا يعني، بل هو مما يؤجرون فيه، لأنهم لما عرفوا من الأحاديث النبوية أنه في آخر الزمان يقل العلم ويفشو الجهل اجتهدوا في ذلك لما يأتي من الزمان ومن يأتي من العباد المحتاجين إلى معرفة الاحكام مع عجزهم عن البحث فإنهم أتعبوا القرائح وخرجوا التخاريج وقدروا التقادير. والأعمال بالنيات. قلت: لا يخفى أن تخريج التخاريج وتقدير التقادير ليس من العلم المحمود، لان غايتها أقوال خرجت من أقوال المجتهدين وليست أقوالا لهم ولا أقوالا لمن يخرجها ولا احتياج إليها، والعمل بها مشكل إذ ليست لقائل، إذ القائل بها ليس بمجتهد ضرورة فلا يقلد لأنه إنما يقلد مجتهد عدل، والفرض أن المخرجين ليسوا مجتهدين، وأما تقدير التقادير فإنه قسم من التخاريج إذ غالب ما يقدر أنه يجاب عنه بأقوال المخرجين، وفي كلام علي عليه السلام العلم نقطة كثرها الجهال، بل هذه الموضوعات في التخاريج كانت مضرة للناظر في الكتاب والسنة، إذ شغلت الناظرين عن النظر فيهما ونيل بركتهما فقطعوا الأعمار في تقرير تلك التخاريج. وقد أشبع الكلام على ذلك وعلى ذم الاشتغال به طوائف من علماء التحقيق، وإن كان الاشتغال بها قد عم كل فريق.
9 - (وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): ما ملا ابن آدم وعاء شرا من بطن أخرجه الترمذي وحسنه. وأخرجه ابن حبان في صحيحه