أحد أخرجه مسلم) التواضع: عدم الكبر، وتقدم تفسير الكبر. وعدم التواضع يؤدي إلى البغي، لأنه يرى لنفسه مزية على الغير فيبغي عليه بقوله أو فعله، ويفخر عليه ويزدريه، والبغي والفخر مذمومان. ووردت أحاديث في سرعة عقوبة البغي منها عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ذنب أجدر - أو أحق - من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه وأخرجه ابن ماجة، وأخرج البيهقي: ليس شئ مما عصي الله به هو أسرع عقوبة من البغي.
10 - (وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة أخرجه الترمذي وحسنه.
11 - (ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه. في الحديثين دليل على فضيلة الرد على من اغتاب أخاه عنده، وهو واجب، لأنه من باب الانكار للمنكر، ولذا ورد الوعيد على تركه كما أخرجه أبو داود وابن أبي الدنيا ما من مسلم يخذل امرءا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته. وأخرج أبو الشيخ من رد عن عرض أخيه رد الله عنه النار يوم القيامة وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) * وأخرج أبو داود وأبو الشيخ أيضا من حمى عرض أخيه في الدنيا بعث الله له ملكا يوم القيامة يحميه من النار وأخرج الأصبهاني من اغتيب عنده أخوه فاستطاع نصرته فنصره، نصره الله في الدنيا والآخرة وإن لم ينصره أذله الله في الدنيا والآخرة. بل ورد في الحديث أن المستمع للغيبة أحد المغتابين، فمن حضر الغيبة وجب عليه أحد أمور: الرد عن عرض أخيه ولو باخراج من اغتاب إلى حديث آخر، أو القيام عن موقف الغيبة أو الانكار بالقلب، أو الكراهة للقول وقد عد بعض العلماء السكوت كبيرة، لورود هذا الوعيد.
12 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه أخرجه مسلم. فسر العلماء عدم النقص بمعنيين: الأول: أنه يبارك له فيه ويدفع عنه الآفات فيجبر نقص الصورة بالبركة الخفية. والثاني: أنه يحصل بالثواب الحاصل عن الصدقة جبران نقص عينها فكأن الصدقة لم تنقص المال لما يكتب الله من مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة. قلت: والمعنى الثالث أنه تعالى يخلفها بعوض يظهر به عدم نقص المال بل ربما زادته، ودليله قوله تعالى: * (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه) * وهو مجرب محسوس وفي قوله: ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا حث على العفو عن المسئ وعدم مجازاته على إساءته وإن كانت جائزة قال تعالى: * (فمن عفا وأصفح