3 - (وعن أبي أمامة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال:
من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك رواه مسلم. الحديث دليل على شدة الوعيد لمن حلف ليأخذ حقا لغيره أو يسقط عن نفسه حقا، فإنه يدخل تحت الاقتطاع لحق المسلم، والتعبير بحق المرء المسلم يدخل فيه ما ليس بمال شرعا، كجلد الميتة ونحوه. وذكر المسلم خرج مخرج الغالب، وإلا فالذمي مثله في هذا الحكم، قيل: ويحتمل أن هذه العقوبة تختص بمن اقتطع بيمينه حق المسلم لا حق الذمي وإن كان محرما فله عقوبة أخرى، وإيجاب النار وتحريم الجنة مقيد بما إذا لم يتب ويتخلص من الحق الذي أخذه باطلا، ثم المراد باليمين: اليمين الفاجرة وإن كانت مطلقة في الحديث فقد قيدها الحديث الآتي وهو قوله:
4 - (وعن الأشعث رضي الله عنه) بشين معجمة ساكنة فعين مهملة مفتوحة فمثلثة وهو أبو محمد (ابن قيس) بن معديكرب الكندي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد كندة وكان رئيسهم وذلك في سنة عشر وكان رئيسا في الجاهلية مطاعا في قومه وجيها في الاسلام، وارتد عن الاسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى الاسلام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وخرج للجهاد مع سعد بن أبي وقاص وشهد القادسية وغيرها ثم سكن الكوفة ومات بها سنة اثنتين وأربعين وصلى عليه الحسن بن علي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان متفق عليه). والمراد بكونه فاجرا فيها أن يكون متعمدا عالما أنه غير محق، وإذا كان تعالى عليه غضبان حرمه جنته وأوجب عليه عذابه.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رجلين اختصما إلى رسول الله (ص) في دابة ليس لواحد منهما بينة فقضى بها بينهما نصفين رواه أحمد وأبو داود والنسائي وهذا لفظه وقال: إسناده جيد. قال الخطابي يشبه أن يكون هذا البعير أو الدابة التي كانت في أيديهما معا فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما لاستوائهما في الملك باليد، ولولا ذلك لم يكونا بنفس الدعوى يستحقانه لو كان الشئ في يد أحدهما. وقد روى أبو داود عقيبه حديثا فقال: ادعيا بعيرا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين قال الخطابي: وهو مروي بالاسناد الأول، إلا أن في الحديث المتقدم لم يكن لواحد منهما بينة، وفي هذا أن كل واحد منهما قد جاء بشاهدين فاحتمل أن تكون القضية واحدة إلا أن الشهادات لما تعارضت تهاترت فصارا كمن لا بينة له، وحكم بالشئ بينهما نصفين لاستوائهما في اليد، ويحتمل أن يكون البعير في يد غيرهما فلما أقام كل واحد منهما شاهدين على دعواه نزع الشئ من يد المدعى