وعلى المحصن وعلى المسلم. لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يحد لقذفه مملوكه يوم القيامة ولو وجب حده في الدنيا لم يجب حده يوم القيامة، إذ قد ورد أن هذه الحدود كفارات لمن أقيمت عليه. وهذا إجماع وأما إذا قذف غير مالكه فإنه أيضا أجمع العلماء على أنه لا يحد قاذفه إلا أم الولد ففيها خلاف. فذهب الهادوية والشافعية وأبو حنيفة: إلى أنه لا حد أيضا على قاذفها لأنها أيضا مملوكة قبل موت سيدها. وذهب مالك والظاهرية إلى أنه يحد وصح ذلك عن ابن عمر.
باب حد السرقة 1 - (عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا) نصب على الحال ويستعمل بالفاء وبثم ولا يأتي بالواو. قيل معناه: ولو زاد، وإذا زاد لم يكن إلا صاعدا فهو حال مؤكدة (متفق عليه واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا). وفي رواية لأحمد أي عن عائشة وهي: 2 - (اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك) إيجاب حد السرقة ثابت بالقرآن * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * ولم يذكر في القرآن نصاب ما يقطع فيه فاختلف العلماء في مسائل. الأولى: هل يشترط النصاب أو لا؟ ذهب الجمهور إلى اشتراطه مستدلين بهذه الأحاديث الثابتة. وذهب الحسن والظاهرية والخوارج إلى أنه لا يشترط بل يقطع في القليل والكثير لاطلاق الآية ولما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أنه قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده. وأجيب بأن الآية مطلقة في جنس المسروق وقدره، والحديث بيان لها وبأن المراد من حديث البيضة غير القطع بسرقتها، بل الاخبار بتحقير شأن السارق وخسارة ما ربحه من السرقة، وهو أنه إذا تعاطى هذه الأشياء الحقيرة وصار ذلك خلقا له جرأه على سرقة ما هو أكثر من ذلك مما يبلغ قدره ما يقطع به، فليحذر هذا القليل قبل أن تملكه العادة فيتعاطى سرقة ما هو أكثر من ذلك. ذكر هذا الخطابي وسبقه ابن قتيبة إليه، ونظيره حديث من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة وحديث تصدقي ولو بظلف محرق ومن المعلوم أن مفحص القطاة لا يصح تسبيله ولا التصدق بالظلف المحرق لعدم الانتفاع بها فما قصد صلى الله الثانية: اختلف الجمهور في قدر عليه وسلم إلا المبالغة في الترهيب النصاب بعد اشتراطهم له على أقوال بلغت إلى عشرين قولا والذي قام الدليل عليه