6 - (وعنه رضي الله عنه قال: كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ومقلب القلوب رواه البخاري. المراد أن هذا اللفظ الذي كان يواظب عليه في القسم، وقد ذكر البخاري الألفاظ التي كان صلى الله عليه وسلم يقسم بها لا، ومقلب القلوب وفي رواية لا ومصرف القلوب - والذي نفسي بيده - والذي نفس محمد بيده - والله - ورب الكعبة ولابن أبي شيبة كان إذا اجتهد اليمين قال: والذي نفس أبي القاسم بيده ولابن ماجة: كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يحلف بها: أشهد عند الله والذي نفسي بيده. والمراد بتقليب القلوب تقليب أعراضها وأحوالها لا تقليب ذات القلب. قال الراغب: تقليب الله القلوب والبصائر صرفها عن رأي إلى رأي والتقلب: التصرف قال الله تعالى: * (أو يأخذهم في تقلبهم) * وقال ابن العربي: القلب جزء من البدن خلقه الله وجعله للانسان محل العلم والكلام وغير ذلك من الصفات الباطنة، وجعل ظاهر البدن محل التصرفات الفعلية والقولية، ووكل به ملكا يأمر بالخير وشيطانا يأمر بالشر، والعقل بنوره يهديه، والهوى بظلمته يغويه، والقضاء مسيطر على الكل، والقلب يتقلب بين الخواطر الحسنة والسيئة، واللمة من الملك تارة ومن الشيطان أخرى، والمحفوظ من حفظه الله ا ه. قلت: وقوله: والكلام بناء منه على إثبات الكلام النفسي وأن محله القلب، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا " رد ونفي للسابق من الكلام. والحديث دليل على جواز الأقسام بصفة من صفات الله وإن لم تكن من صفات الذات، وإلى هذا ذهبت الهادوية حيث قالوا: الحلف بالله أو بصفة لذاته أو لفعله لا يكون على ضدها، ويريدون بصفة الذات كالعلم والقدرة ولكنهم قالوا: لا بد من إضافتها إلى الله تعالى كعلم الله، ويريدون بصفة الفعل كالعهد والأمانة إذا أضيفت إلى الله، إلا أنه قد ورد حديث بالنهي عن الحلف بالأمانة أخرجه أبو داود من حيث بريدة بلفظ من حلف بالأمانة فليس منا وذلك لان الأمانة ليست من صفاته تعالى بل من فروضه عل العباد. وقولهم لا يكون على ضدها احتراز عن الغضب والرضا والمشيئة، فلا تنعقد بها اليمين. وذهب ابن حزم وهو ظاهر كلام المالكية والحنفية - إلى أن جميع الأسماء الواردة في القرآن أو السنة الصحيحة وكذا الصفات صريح في اليمين وتجب به الكفارة. وفصلت الشافعية في المشهور عنهم والحنابلة فقالوا: إن كان اللفظ يختص بالله تعالى كالرحمن ورب العالمين وخالق الخلق فهو صريح ينعقد به اليمين سواء قصد الله تعالى أو أطلق، وإن كان يطلق عليه تعالى وعلى غيره لكن يقيد كالرب والخالق فتنعقد به اليمين إلا أن يقصد به غير الله تعالى. وإن كان يطلق عليه وعلى غيره على السواء نحو الحي والموجود، فإن نوى غير الله تعالى أو أطلق فليس بيمين وإن نوى به الله تعالى انعقد على الصحيح.
7 - (وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما) أي ابن العاص (قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فذكر الحديث وفيه اليمين الغموس) وهي بفتح الغين المعجمة وضم الميم آخره ومهملة (وفيه قلت:) ظاهره أن السائل ابن عمرو راوي الحديث